للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هربة إلى عنيزة:

قال ابن عبيد في حوادث ١٢٩٨:

وفي هذه السنة حصلت منافرة بين أمير بريدة حسن بن مهنا وبين القاضي محمد بن عبد الله بن سليم فعزم الشيخ على السفر من بريدة إلى عنيزة، ولما سار الشيخ إلى عنيزة واستقر فيها دعا الأمير حسن المهنا بالشيخ محمد بن عمر بن سليم، وهو ابن عم القاضي فأحضره لديه وعرض عليه قضاء بريدة فأبى، وقال للأمير: ما كان لمثلي أن يسد ثلمة الشيخ، ولكني أشير عليك يا ابن مهنا أن ترد الشيخ إلى عمله فلان طال مقامه في عنيزة واستوطنها يوشك أن لا تدركه، فقام الأمير وسعى في استجلاب الشيخ إلى بريدة فأرسل إليه يسترضيه وبعث إليه وجعل يعتذر ويستعطف حتى رجع إلى وطنه بريدة وقد تزوج في عنيزة وولد له فيها (١).

قال الشيخ صالح العمري:

لما اشتد الخلاف بينه وبين الأمير حسن المهنا أمير القصيم في زمنه جاءه من أنذره أن الأمير وأعوانه سيفتكون به أو يقتلونه، وكان ذلك في شدة الحر في يوم قائظ، فهرب رحمه الله واختفى بالنخيل وشجر الاثل المتصل من طرف بريدة الغربي المعروف بالبوطه، متجهًا مع بطانة الصباخ (٢)، ومشى معها إلى أن وصل منتهاها من جهة عنيزة متجها إلى عنيزة.

ولما أقبل على الوادي قابله جمَّال يدعى عبد العزيز بن حسون، فلما رأى الشيخ وحده يمشي راجلًا في الرمضاء وشدة الحر انزعج، وأناخ راحلته، وقال للشيخ: تفضل إركب وسأعود معك، فقال له الشيخ: هل معك ماء؟ قال: نعم، وكان العطش قد بلغ منه مبلغًا شديدًا فسقاه من الماء الذي معه، ثم قال له الشيخ: يابني


(١) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج ١، ص ٢٥٤.
(٢) طريق معروف عند أهل بريدة غرب نخيل الصباخ.