للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال الأمير ماذا تقول؟ فأعاد عليه ما قال أولًا، فقال الأمير: من أين جئت؟ قال: جئت من عندهم وهم في مكان كذا، ووالله إن هؤلاء لا يريدون الدنيا، وإنما يريدون الآخرة، فإياك وأذاهم، فما كان من الأمير إلَّا أن تغير موقفه نحو الشيخ ورفقته.

فلما أصبح دعا برئيس الحاشية وأمره أن يخبره إذا وصل الشيخ كما أمره أن يهيئ له سكنًا فسيحًا وفرشًا طيبة وأن يكرمه غاية الإكرام.

فلما وصل الشيخ قابله الأمير في منتصف الطريق بين المجلس والباب، واستقبله استقبالًا طيبًا خلاف ما كان يظن النّاس، فعجب من ذلك الأمراء والحاشية، لأنهم كانوا ينتظرون من الأمير الفتك بالشيخ، فما الذي غير موقفه؟

وفي الحقيقة أنّه تأثر بكلام فجحان الفراوي - جزاه الله خيرًا -.

ولما جلس الشيخ في مجلس الأمير عن يمينه حضر أحد كبار طلبة العلم في حائل ويدعى الشيخ عبد الله الجباره وهو من المحبين لآل سليم، فسلم على الأمير واستأذنه بالسلام على الشيخ، فأذن له ثم قال بصوت عال: أرجوك تسمح لي بدعوة الشيخ محمد بن سليم لتناول طعام العشاء، فقال ابن رشيد: أنت تبي تعزم الشيخ محمد؟ - كالمحتقر له - قال عبد الله الجباره: نعم أبي أعزم ضيفك الشيخ محمد بن سليم، وقالها بصوت عال يسمعه كلّ من في المجلس، فردها الأمير مرة ثانية، وكررها عبد الله الجباره، فقال الأمير: الشيخ اليوم عندي وباكر عند عبد العزيز المتعب - ولي عهده - وبعده عند حمود العبيد، وهو من كبارهم، وبعده عند فلان وبعده عند فلان حتى عد ستة أو سبعة من كبار الرشيد ثم قال: اليوم الفلاني عندك يا عبد الله، فشكر له عبد الله الجباره استجابته لدعوته الشيخ وخرج.

وقد عاد الشيخ مكرمًا معززًا إلى بريدة.