للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن الله الذي ينصر أولياءه جعل تلك الدعوة بعكس ما أراد أعداء الشيخ، فإنه لما دعا بالشيخ ركب معه ما يقرب من ثلاثين رجلًا من كبار طلبة العلم والعلماء في بريدة ووجهائها، ولما صار على بعد ساعة للراكب عن حائل نزل للراحة والمبيت حيث يتمكن في الصباح الباكر من النزول في ضيافة الأمير محمد بن رشيد على أول جلسته كعادة حكام ذلك الوقت الذين يستقبلون الوفود في أول الصباح، وقد جلس الشيخ في وسط الطلبة وأخذوا يقرؤون وهو يشرح لهم مما وهبه الله من العلم، فكان أحد المقدمين عند الأمير محمد بن رشيد من ندمائه ويدعى فجحان الفراوي، من رؤساء مطير كانت له ناقة مع الرعية التي تسرح، ولما جاءت الرعية التي تغدو صباحًا وتعود مساء، حضر لتسلم ناقته فلم يجدها مع الإبل، فسأل الراعي عنها فقال: هي مع الإبل، فبحثوا عنها فلم يجدوها مع الإبل، فقال فجحان للراعي: ما آخر عهدك بها؟ قال: في مكان كذا ووصف له نفس المكان الذي نزل فيه الشيخ محمد ورفقته، فما كان من فجحان إلا أن ركب مطية وأسرع للبحث عن ناقته، فلما قرب من الشيخ ورفقته أناخ راحلته وعقلها، وأتى إليهم ليسألهم عن ناقته، ولم يعرفهم، ولما سلم جلس وسمع الدرس وكلام الشيخ نسي ناقته وأمرها، ولان قلبه لما سمع من القرآن والحديث والتفسير وشرح الشيخ، وغربت الشمس وأراد الإنصراف، فطلب منه الشيخ أن يتناول معهم طعام العشاء فوافق.

ولما انتهى فجحان الفراوي من ذلك عاد إلى حائل، وكأن الله قد ساقه المصلحة الشيخ ورفقته نصرة لهم، ولما وصل إلى حائل قصد قصر الأمير محمد بن رشيد، وكان مقدمًا عنده، فطلب مقابلته فقيل له إنّه قد دخل عند النساء فقال لابد من مقابلته لأمر هشام فأخبر الخدم الأمير بإلحاحه فظن في الأمر شيئًا مهمًا، فدعا به ولما رآه قال فجحان: بصوت عال: الله وأمانه ما تضر الشيخ ابن سليم والخطباء الذين معه يقوم لك سعد.