بعده لازم هؤلاء العلماء في أصول الدين وفروعه، وفي الحديث والتفسير وعلوم العربية، وسمت به همته للتزود والاستفادة من العلم فرحل إلى الرياض ولازم علماءها، ومن أبرز مشائخه فيها الشيخ عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ ثم عاد إلى القصيم فمر بشقراء فلازم شيخه عبد الله بابطين بعد أن نزح إليها من عنيزة، ثم عاد إلى بريدة وجلس للطلبة فالتف إلى حلقته طلبة كثيرون، وكان حسن التعليم ذا هيبة شديدة ثاقب الرأي حازمًا في كل شؤونه، وكان شيخه سليمان بن علي يستنيبه إذا مرض أو سافر فاستنابه، ولما وصل إلى مكة عام ست وتسعين بعد المائتين وقد ضعف جسمه وأرهقته الشيخوخة فكتب إلى حسن المهنا يطلب منه إعفاءه، فما زال يلح عليه حتى أعفاه، وبعث لنائبه بأنك معزول واستشاره حسن المهنا بمن يولى فأشار عليه بالشيخ محمد بن عمر بن سليم فإن لم يرغب فبابن عمه محمد بن عبد الله فألح على محمد بن عمر إلحاحًا شديدًا فالتزم به مدة يسيرة ثم رحل إلى العمرة وبعث خطابًا لحسن المهنا يستعفيه فأعفاه.
وكان الشيخ محمد العبد الله مقيمًا بعنيزة ملازمًا لشيخه علي المحمد الراشد، وإذا انتهت جلسته جلس بعده بالجامع للطلبة في كتب ابن تيمية وابن القيم في شمالي الجامع، وفي عام ١٣٠٣ هـ توفي شيخه العلامة قاضي عنيزة فجاءه خطاب من حسن المهنا يطلب منه العودة إلى بريدة ويعتذر إليه مما كان بينه وبين الشيخ محمد، وكان بين ابن سليم وبين محمد الصالح أبا الخيل شقاق ومنازعات انتهت بطلب حسن المهنا له بالمغادرة عن بريدة فرحل إلى عنيزة وتزوج بها أم ابنه عبد الرحمن وأكرمه أهالي عنيزة وأجلوه ورغب في المقام بها، ولكن حسن ألح عليه ووسط أمير عنيزة زامل بن عبد الله السليم فأشار عليه بالعودة إليهم، وتلبية طلب حسن ليتولى مهام منصب القضاء بها فعاد إلى بريدة، وتولى القضاء فيها، وسدد في أقضيته فكان مثالا في العدالة والنزاهة