للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأ عليه بعض الطلاب كلام الإمام ابن القيم في إساءة الظن بالله وهو الذي ذكره شيخ الإسلام، وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، فأخذ في شرح العبارة وتفسيرها وأطال وأفاد وأجاد وجعلت دموعه تجري على خديه حتى رحمه من حوله ولبث أربعين دقيقة.

وقرأ عليه بعض الإخوان من طلاب العلم بمسائل الشيخ (إسحق بن عبد الرحمن) فتكلم معربًا عن فضل المؤلف ومكانته في العلم وجعل يثني عليه ويمتدحه ويذكر ما لآل الشيخ من الفضائل والمناقب التي بنوا بها ما تهدم من قواعد الإسلام وإشادة ما تدثر منها وأطال وأسهب.

وقرأت عليه في حاشية التوحيد للشيخ عبد الرحمن فلما بلغت، رواه وكيع فقال وكيع هذا هو ابن الجراح بن وكيع عالم كبير شكى إليه الشافعي سوء حفظه، فقال له اترك المعاصي، وأنت يا ولدي إن أردت طلب العلم فاترك المعاصي، اترك المعاصي إن كنت تريد طلب العلم، فإن المعاصي تمنع من تحصيل العلم، وجعل يردده علي ويحثني على طاعة الله ورسوله فتأثرت لذلك ووجدت لكلامه وقعًا بحيث إني والله لأجد الكلامه موقعًا حتى إنه مثل العافية على الجسم السقيم.

ودخل عِجل (١) في المسجد الجامع حال التدريس فالتفت إليه بعض الطلاب فأخذ الشيخ عصاه ونعاله وقام موليًا فلحقه التلامذة والإخوان يعتذرون، وإن الوالد من شيمته الصفح عن عثرات أبنائه، فقال: فاتكم مجلسنا يومكم هذا فالتفتوا إلى هذه البهيمة العجماء ودعوا العلم والمعلم، يقوله توبيخًا وتقريعًا.

ذكر ورعه وزهده:

أما ورعه فحدث عنه ولا حرج، كان لا يمسك شيئًا في الدنيا غير كفايته ولم يستقطع من الملوك الأراضي ولم يجمع مالًا لنفسه غير بيته الذي يسكنه


(١) العجل: الصغير من ولد البقر.