وإذا جاءه مرتبه وعنده شيء من بقية الأول فرق الأول.
وجاء إليه أهل هجرة من البدو يطلبون منه أن يجعل لديهم مطوعًا ديانته حقيقة صدقًا وجعلوا يسألونه ويلحون فقال يا هؤلاء إن وجدتم ذلك فاطلبوا لنا ولكم، الله المستعان.
وأتاه رجل يسب وكيلًا وينال من عرضه لأمر لا يعنيه فقال له كأنك تريد الوكالة لنفسك وتطلبها فاستحيا الرجل وسكت.
وقال مرة لأحد كبار التلامذة اقرأ علينا بالفروع لابن مفلح نقرر ما نعرف منها وما لا نعرفه نكله إلى من يعرفه، وهذا منه من باب الهضم لنفسه ورؤيتها بعين الاحتقار والا فهو العالم الكبير والبحر الغزير.
وكان من سجيته أنه لا يقبل هدية ولا يتستجيب لأحد بل كان يأكل في بيته ويقتصد في معيشته ويمازح اخوانه ويخفض لهم الجناح، وأوذي في ذات الله فصبر وارتفع شأنه وعلت رتبته فما بطر ولا تكبر بل يحب طالب العلم والمستفيد ويقرب الغريب.
ذكر أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وحلمه وعفوه وسعة رأيه:
أما أمره ونهيه فقد كان على بصيرة يدعو إلى الله وما همه منصب ولا يراعي جانب أحد كائنًا من كان، وقد ساعدته الظروف من قبل صاحب الجلالة الملك عبد العزيز، فكان يرفع قدره وينفذ أوامره بسرعة.
فمن ذلك أنه مر عليه في الدرس أثر (خلق الله ألف أمة وتكفل برزق الجميع) فأخذ يتكلم على هذا الأثر ملوحًا على المسافرين إلى بلدان الكفار فقال خلق الله عز وجل ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر وتكفل الله برزق الجميع إلا ابن آدم لا يرزق حتى يذهب إلى الكفار ويكون حمارًا لهم، عياذًا بالله.