وكلامه هذا يشنع على الذين يذهبون إلى الكفار ويخدمونهم.
ونقل إليه بعض العامة يستعظم تكفير المسلمين وإن فعلوا ما فعلوا فلما جلس للتدريس والتف حواليه ما يزيد على أربعمائة ما بين متعلم ومستمع أخذ يبين وجوب عداوة أعداء الله ويوضح تكفير الكافرين ثم قال:
غير أن أناسًا أعمى الله قلوبهم لا يكفرون الكافرين وإذا لم يكفر من كفره الله ورسوله فمن يقع عليه التكفير أتكفر هذه الأسطوانة ويضرب بيده عليها أم تكفر البهائم وهؤلاء العمي ليسوا ببعيدين ارفع قدمك لا تطاهم فخجل المعترض وتاب.
وأتى إليه رجل من خاصة إخوانه، وكان في هم وغم، وجعل يشكو إليه فعال قريبه وإساءته إليه ومقاطعته، وإنه أبي إلا الفرقة والمنافرة، فقال له يا بني أشكر الله وأكثر من حمده أن جاءت القطيعة منه لا من قبلك، واعلم يا بني أن الله لا يضيع أحدًا فإن كان قد خرج من الاجتماع وفقدت مساعدته في النفقة فسيرزقك الله ويغنيك من سعته، فقام من عنده منشرح الصدر وكان عاقبته حميدة.
وجاء إليه بعض إخوانه وقد عزم على الزواج فطلب منه الوصية فقال:
يا بني إذا أتيت أهلك فقل لهم هذه زوجتي قد شق علي مهرها فيجب أن تتحملوا منها ما يصدر منها، وإذا خلوت بزوجتك فأوصها بحشمة أهلك وقل هؤلاء أهلي وأقربائي ويجب عليك إكرامهم، أما إذا كنت مع أهلك على زوجتك، أو كنت مع زوجتك على أهلك فإنك لا تسوسهم، ويا بني يومًا ثم يومًا والأجل قريب.
وكان يرضي المجانين والمرأة والطفل على قدر عقولهم، وكم كربة فرجها برأيه، ومشكلة أوضحها بالحجج والبراهين، فهو طبيب القلوب، ومن فوائده تنجلي الكروب.
ولما توفاه الله تعالى صلى عليه المسلمون ضحي في جامع بريدة وازدحم الرجال والنساء وأقبلوا كأنهم السيل المنهمر، وقد حضر جنازته خلق