وهذه هي كاملة:
إلى الله في كشف الملمات أفزع ... فليس لما ارجو سواه واضرع
ففي كل يوم للعباد رزية ... وفي كل عام في خيارنا يسرع
واعظم بهذا الرزء أي مصيبة ... كهذا سوى أن قيل مات المشفع
لقد مات عبد الله نجل محمدٍ ... فتي نحوه الأعلام للرأس ترفع
به فقد الناس الدعاة إلى الهدى ... فمن بعده داع إذا قال يسمع
به فقدوا فوق المنابر واعظا ... إذا يبد وعظًا في الخطابة مصقع
به فقدوا شيخًا فقيهًا مفقها ... سيُهجر اقناع ومغن ومقنع (١)
به فقدوا من حين تقرا فروعهم ... تقول له تصنيفها إذ يفرِّع
به فقدوا نحوًا فماضيه قد مضى ... وفي قبره أضحى المضارع يضرع
به فقدوا شيخ الفرائض بعده ... فمن ذا سهام الأنصبآء يوزع
إذا أشكلت طرق الصواب فقوله ... لمسترشد الفتآء في الحق مقنع
به صار روض العلم والحق مزهرًا ... وأرواحنا عن جهلها فيه ترتع
ربي في تقى فينا وحسن عبادة ... وما صده مال وما ضم برقع
إذا جئته جنح الظلام وجدته ... بمحرابه باب المهيمن يقرع
تلاوة آيات الكتاب شعاره ... فما انفك عنها غير ما حين يركع
يلاقي بترحيب وبشر ورقة ... فلم تلقه إلا لذي الذل يخضع
وما نفسه يومًا أراد انتصارها ... ولا عن ذوي الفقر اعتراه الترقُّع
ويمنع أهل الظلم أخذ مظالم ... وعن ظلمهم لله قد كان يمنع
وعن ما أتى عن ربنا ورسوله ... مشاغب أهل الزيغ قد كان يدفع
فاسيافه في البحث فاطعة الظُّبا ... وجوهرها حد الصياقل يقطع
ابان عويصات المسائل كلها ... وأوضح منها ما يسن ويشرع
إذا قيل تفسير الكتاب فقوله ... على كل مقبول وما رد يطلع
(١) يشير هنا إلى كتب الفقه في المذهب الحنبلي وهي الإقناع، والمغني، والمقنع.