للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة الطويل، الذي في صحيح مسلم، أنه كان إذا أمرَّ أميرا على جيش أو سرية، إلى قوله: (ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك لذلك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن أبوا فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين).

فدلّ الحديث: على أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أعراب، ولم يلزمهم بالهجرة إلى القرى، ومن ألزمهم بذلك، ورآه دينا، فقد شرع في الدين ما لم يأذن به الله.

وقال ابن القيم رحمه الله - في الهدي النبوي في آخر الوفود - وقدم عليه وفد بني عبس، فقالوا: يا رسول الله: قدم علينا قراؤنا، فأخبرونا أنه لا إسلام لمن لا هجرة له، ولنا أموال ومواش، فإن كان لا إسلام لمن لا هجرة له، فلا خير في أموالنا ومواشينا، بعناها وهاجرنا عن آخرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله حيث كنتم، فلن يلتكم من أعمالكم شيئًا).

نعم: يجب على ولي الأمر، إلزام الأعراب بشرائع الإسلام، وكفهم عن المحرمات من الشرك وغيره، كغيرهم من المسلمين، وبعث دعاة يعلمونهم شرائع الإسلام.

إذا علمت أنه لا يجوز إلزامهم بغير ذلك، تبين لك: أنه لا يجوز هجر من قدم على الحاضرة منهم، إلا من كان مجاهرًا بالمعاصي، وهذا ليس خاصًّا بالأعراب.

نعم: حديث بريدة يدل على استحباب الهجرة لأعراب المسلمين والحالة هذه، وترغيبهم فيها، ولما يترتب على الهجرة من تعلم شرائع الإسلام، وشهود الجمع والأعياد.