عبد الله بن عبد اللطيف في بلد الرياض ليأخذ عنه، ولما أن جلس للتعلم من الشيخ عبد الله أعجب به ورأي ذكاءه وكمال عقله ونبله ومعرفته فقضى له بالإجازة وشهد له بالبراعة والتقدم، فرجع إلى وطنه بريدة محفوظًا بعناية الله وأصبح موضع الإعجاب على رغم حاسديه.
تقدم أنه إمام المسلمين في المسجد الجامع وهو شاب من بينهم قدمه فضله وعلمه، ولما كان له من العمر ٢٩ سنة جعل إمامًا في مسجد عودة الرديني في بريدة فاجتمع عليه خلائق كثيرون من طلاب العلم وجثوا بين يديه من كل جانب وازدحموا بين يديه بالركب حلقًا حلقًا.
وتخرج على يديه أناس كثيرون، وكان لتعليمه أثر عجيب لأنه نشأ عن نية طيبة.
ثم إنه نال القضاء في هجرة دخنة وأفاد ووضح الحق هناك، فلما تأسست الأرطاوية سنة ١٣٣٠ هـ بعثه إليها جلالة الملك المعظم فكان على قضائها، ثم إنه نقل من الأرطاوية إلى مسجد في قلب بريدة، وذلك بإيعاز من الشيخ عبد الله بن سليمان بن بليهد لأسباب ترجحها السياسة هناك، وتقضي بأن يكون هذا الركن العظيم إمامًا للمسجد، ومدرسًا فيه، وكان هذا المسجد يقال له مسجد ناصر بن سليمان بن سيف، ولما تعين مدرسًا فيه أقبل الناس إليه مهطعين وأصبح ذلك المسجد مأوى لكل طالب ومستفيد، فامتلأت حجر المسجد من الأجانب والأهالي وكان لا يزال عامرًا بالتدريس كل وقت من ليل أو نهار حتى كان عدد الحلق ثمان حلق للذكر وغالبهم علماء أجلاء، فاستمر على تلك الحالة دهرًا طويلًا وينوب عن أخيه في القضاء بعض الأحيان إذا مرض ويقوم بصلاة الجمعة والأعياد في حال تخلف أخيه، فلما توفي الشيخ عبد الله أخو المترجم ولي الشيخ قضاء مقاطعة القصيم، وتولى إمامة المسجد الجامع والخطب والأعياد والاستسقاء وقد ينوب عنه تلميذه عبد الله بن رشيد في الجمعة والأعياد واستمر في تدريساته فكان قاضيًا، وإمامًا، ومدرسًا، وخطيبًا (١).