سيف في شمالي بريدة (١) ودرس الطلبة فيه فالتف إلى حلقاته ثلة من الطلبة، وكان تدريسه على طريقة أسلافه فكل طالب أو طالبين في كتاب بما يسمى (سم) بركة وهذه طريقة تلاشت الآن أو كادت تتلاشى، وكانت قبل وصول جدي من الحجاز موجودة عندنا، ولكن الجد رحمه الله ومن بعده سلكوا طريق المدرسين في الحرمين الشريفين يجمعون الطلبة كلهم على كتابين في فنين كل كتاب لعموم الطلبة يشتركون فيه ومتى انتهى كتاب تشاوروا فيما بينهم، وإن اختلفوا كان الحكم بينهم أستاذهم، ولعمري والله إن هذا لهو الفائدة لمن أرادها، فإن الطلبة يعقدون بينهم ندوات وبحثًا ونقاشًا ويحررون المسائل ويراجعونها ويستشكلون مسائل يطلبون من مدرسهم حلها ثم هو يهتم لهذين الدرسين أو الثلاثة والأربعة إذ كانت حلقات في فنون ويأخذ بالحسبان ما يوجهونه عليه من إشكالات قد تحيره إذا لم يستعد للمطالعة والتفكير خصوصًا إذا كانوا أكفاء ولديهم مؤهلات ويخرج الطالب ماهرًا في فنون عديدة بخلاف طريقة القدامى سم بركة فإن الطالب يكون كالمنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى.
نرجع إلى ترجمة الشيخ عمر، ولما وصل أخوه عبد الله إلى بريدة ليتولى مهام منصب القضاء فيها صار يخلفه في الجامع الكبير أحيانًا ويستنيبه علي القضاء متى غاب أو مرض وبالخطابة في الجامع، وكان يتعاطى البيع والشراء في الثمار والبيع إلى أجل فوسع الله عليه في الرزق، وكان حسن المعاملة ينظر المعسر ويتجاوز عن الموسر.
وفي عام إحدى وخمسين في شهر محرم توفي أخوه عبد الله فعين الملك عبد العزيز الشيخ عمر مكانه في القضاء وتولى معها إمامة الجامع وخطابته والتدريس فيه، فالتف طلبة أخيه إلى طلبته، وانتهى الإفتاء والتدريس إليه في بريدة، ومن أبرز تلامذته النابهين الشيخ الجليل سليمان بن عبيد رئيس المحكمة