كنت في قرية قبة، وكان الوقت شتاء، في ليلة باردة فرأيت رجلًا أعجميًا ولكنه يعرف العربية يئن في المسجد وقد انفض الناس إلى بيوتهم وتركوه في المسجد وليس معه أغطية.
ومن العادة أن يكون هذا وأمثاله من الحجاج الذي يحجون سيرًا على الأقدام، احتسابا للأجر من الله أو عجزا عن نفقة الركوب.
قال: وبعد أن عدت إلى بيتي من صلاة المغرب قدمت زوجتي لي العشاء وكان حارًا فيه لحم وإبزار ومعه مرق طيب، وقد أشعلت نارًا بحطب جزل فذكرت هذا الرجل الغريب المريض الذي لا شك في أنه جائع أيضًا وعدت إلى المسجد وأنا أرجو أن أجده في مكانه.
قال: فوجدته، وأخذته معي إلى البيت وأطعمته من هذا العشاء الجيد، وقدمت إليه عند وقت الصلاة ماء ساخنًا فتوضأ ثم غطيته بغطاء جيد.
وبقي عندي بعد ذلك فترة أظنه قال بلغت أسبوعين ثم بدأت العافية تدب في جسمه، وفي مرة من المرات رآني أطلي بعيرا لي أجرب كنت قد أدخلته حوش البيت.
فقال لي: إنني أعرف دواء لمرض الجرب غير هذا هو أسهل وأرخص وأضمن في الشفاء من النورة والزرنيخ، وأسلم عاقبة، وأكثر راحة للبعير من الدواء بالسم.
ثم خرج معي إلى الخلاء وأراني شجرة من شجر البرية التي كنت أعرفها ولكنني لم ألق لها بالا، وقال: خذ من هذه أوراقها وجففها في الشمس ثم أحضر من العطار الدواء الفلاني فأخلطه بها ثم اسحق الجميع حتى يصبح المسحوق ناعمًا، ثم خذ لكل بعير مقدار ما يملأ فنجال القهوة تضع عليه مثله من سمن الغنم الجيد وسعطه البعير أي أجعله له سعوطا، وهو الذي يلقى في الأنف حتى تضمن أنه قد وصل إلى جوفه، فهذا دواء للجرب، لا تخبر به أحدًا إذا كان غير معروف عندكم وأنا لن أخبر به أحدًا وأرجو أن أكون قد كافيتك على ما صنعته بي من معروف.