عندها نادي في الرجال والشباب الأقوياء ليساعدوه - وانطلق بهم إلى منزله وجمع مئات الأواني صغيرة وكبيرة - وملأها بالتمر وأحيانًا بالماء والتمر، وبدأ مع مساعديه في إنقاذ المئات من الناس وأمر مناديًا في جميع شوارع بريدة - من أراد الطعام فليأت إلى بيت ابن شريدة.
ويقول الأديب فهد المارك رحمه الله في كتابه من شيم العرب (لا يطيب للتجار المحتكرين إلا العيش على حساب الجائعين من مواطنيهم اللهم إلا من كان بين جنبيه قلبٌ ألمعيٌ وعاطفة دافئة ووجدان عامر ومروءة جمة مثل (محمد بن شريدة رحمه الله) ذلك الرجل الذي كان زعيمًا لبريدة في عصره ومن ذوي الحل والعقد - عندما خرج ذات يوم فوجد الكثير من الحاضرة والبادية يتضورون جوعًا ويملأون الطرقات - فلم يسعه إلا أن يلبيّ نداء ضميره الحي - فيرحب بالجياع والضعاف - يتزاحمون عند بابه وانخنس عشرات التجار عن دروب المكارم - حتى حاول أحد المشهورين من التجار أن يثني محمدًا عن هذه المكرمة - ليبيع ما عنده بأسعار خيالية - ولكن محمدًا رفض، وختامًا قال أحدهم من قصيدة له:
من مثل إمحمّدْ بالازمان العسيره ... خمسين ليلة واقفٍ يبذل الزادْ
من مثل إمحمّدْ والليالي خطيره ... يشُبّ نارٍ يدهلة كلّ ورّادْ
محمّدْ نظيف القلب صافي السريره ... راع الكرَم والجود هو فَخر الأجواد
وقد نظم الشاعر ناصر أبو علوان فيما عمله محمد الشريدة وأخوه وشريكه في المال منصور الشريدة قصيدة عصماء مؤثرة رأيت ذكرها هنا لأنه شاهد الحال فيها: