للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد سكن في مدينة بريدة رغم عدم نفاق سوق الشعر على أهلها فهو من أهل الحارة، ولا أعرف أحدًا من جيرانه يألفه أو يكثر من الجلوس إليه، وذلك أنه كان يدخن، ومعروفا بذلك وقومنا في بريدة هم في ذلك الوقت من أشد الناس كراهية للتدخين والمدخنين، والكلام على الأكثرية منهم في هذا الأمر.

كما أنهم ليسوا ممن ينفق سوق الشعر عندهم، والكلام أيضًا على الأغلبية، حتى إن أحد باعة القهوة في السوق الشمالي من بريدة اشترى منه ابن شريم قهوة ولما وزنها له ووضعها في الكيس قال له ابن شريم:

تراي ما معي ثمنها الآن، أجيبه لك بعدين، فما كان من صاحب الدكان إلَّا أن غضب من ذلك وأخذ القهوة من ابن شريم وأعادها إلى مكانها في الدكان ممتنعًا عن السماح لابن شريم بأخذها.

وذهب ابن شريم يجر أذيال الفشل ويحس بالصداع لعدم شربه القهوة لاسيما أنه شاعر يحب بطبعه مجالس الأنس وشرب القهوة مع التدخين.

ولذلك لا نلاحظ أن ابن شريم صارت لها مواقف مع المشاهير من أهل بريدة ولا له شعر كثير فيهم كما يكون الشعراء أمثاله مثل العوني والصغير.

وإنما كان يخالط فئة قليلة من أهلها من (الزقرت) وهم غير الأثرياء، ولكنهم من الكرماء، مثل صلطان المواش، ومثل الليوث أحد أفراد أسرة السعد المعروفة، الذين يسكنون قرب سلطان المواش في غرب بريدة.

ولقد كان عجبي من كون ابن شريم يسكن في بريدة وهو على هذه الحالة، ولم يختر لسكناه مدينة عنيزة على سبيل المثال التي فيها تقدير كبير للشعراء، وفيها مجالس وسهرات على إنشاد الشعر والتغني به.

وذلك مثلما كنت عجبت من أن يسكن بريدة الشاعر الآخر عبد الله اللويحان لمدة طويلة يتزوج فيها من أهل بريدة ويتخذها دارًا له.