إلا ويلتهمه التهامًا، ويقرأه من الألف إلى الياء، ولذلك كان له ركن أو زاوية في النادي الأدبي بالدار والذي كنا نقيمه كل أسبوع أو مرتين في الشهر - لست أدري - وأذكر أن الأخ الزميل الأستاذ عبد الله بن خميس كان رئيسًا للنادي في تلك الفترة لأن عشقه الأدب والشعر منذ نعومة أظفاره، ولأنه يكبرنا بعقد من الزمن على أقل تقدير، متعنا الله وإياه بالصحة والعافية.
وكانت الزاوية المكلف بها الأستاذ الشلاش - رحمه الله - تعني بالكثير من العلوم والمعارف المفيدة والآراء الجيدة، والنظريات العميقة التي ينقلها عن المفكرين والمثقفين القدامى والمحدثين، ثم لا يفتأ بالتعليق عليها، واستجلاء بعض مراميها ومقاصدها، كان ركنه الثقافي شهيًا وطليًا، كما لا نمل سماعه والاستمتاع بقطوفه اليانعة، وأزهاره الندية رغم طول نفسه، حيث كان يستغرق نصف ساعة أو أكثر.
ورغم أننا في ذلك الوقت صغارًا في السن نستغرب أن يكون الرجل مطلعًا إلى هذه الدرجة، وملمًا بكثير من العلوم وسنه آنذاك لا يتعدى العشرين ربيعًا من عمره، ولست أدري هل سمحت له مشاغله وظروفه الحياتية بالدأب على المطالعة والقراءة والبحث والتحصيل طوال العقود التي تلت هذه المرحلة من عمره لأن صلتي به بعد ذلك تكاد تكون منقطعة لظروف الحياة العامة، فإن كان الأمر كذلك فإنه يعتبر في عداد المثقفين بلا مراء وإن كان - رحمه الله - متواريًا عن الأنظار بعيدًا عن الأضواء لا يحبها ولا يرغب خوض غمارها لنظرة خاصة به كما أسلفت في مستهل هذه الكلمة، ويمكن أن يكون قد أدركه تواضع العلماء أو حساسية الأدباء وأصحاب الكلمة الرقيقة، فاختفى لا يلوي على شيء حتى أصيب في السنوات الأخيرة بشلل في رجليه أقعده فترة من الزمن عن المشي، ثم تضاعف الأمر معه حتى وردنا خبر مماته قبل أيام - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم آله وذويه الصبر والسلوان، وأنزل عليهم العزاء والسكينة، ويا حبذا لو أن أخاه