وقد يسارع قائل يقول: إذا كانت المبايعة بين حمد الضبيعي وبين شلاش ما الذي يجعل لعمر بن سليم دخلًا فيها ولم لم يقتصر على المبائعين والشاهدين والكاتب؟
والجواب: أن ذلك لكون عمر كان قد رهن ذلك القعود وهو الفتي من الإبل على شلاش فلا يستطيع شلاش بيعه إلَّا بموافقة عمر وهو الذي يكنون عنه بقولهم (أطلق) له الرهن أي تنازل عن رهن القعود، وذلك التنازل معناه أنه يجوز لشلاش أن يبيعه، إضافة إلى شيء مهم وهو أنه إذا كان الرهن مؤجلًا مثل رهن الدين فإنه يجوز للراهن بيع العين المرهونة كالبعير والدار إذا حلَّ أجل وفائها ولم يستوف دينه الذي رهنها به.
وهنا استعمل الكاتب وهو كاتب خبير متمرس بهذه الأمور كلمة (أطلع) فقال: أطلع عمر رهن القعود، ولم يقل: أطلق، وذلك أن القعود مرهون لعمر مع أشياء أخرى تقدم ذكرها شملتها العبارة التالية وما يملك فأطلع تعني أخرجه من غيره، مما كان رهنه على شلاش فأطلق رهنه.
وتبين لنا شيء آخر وهو أن شلاش كانت له ممتلكات أخرى منها (حياييل) جمع حيالة، وهي الأرض الزراعية الخالية من النخل والشجر، تكون معدة للزراعة الحقلية مثل حقل البرسيم أو الذرة أو القمح أو الشعير، وكانت تلك الحياييل - جمع حيالة - مرهونة لحمد بن عبد الله الضبيعي قبل أن يرهن عمر كل ما لدي شلاش من غير ما هو مرهون من قبل.
هذا دلنا على قدم وجوه أسرة الضبيعي في بريدة لأننا لا نعرف ما إذا كان (حمد بن عبد الله الضبيعي) هذا هو أول من سكن بريدة منهم أم سكنها قبله أناس من أسرته، ولا يكون الضبيعي دائنًا معروفًا يعرف اسمه بلفظ (حمد العبد الله) الذي هو تعبير قصيمي قديم إلَّا إذا كان سكن بريدة قبل هذا التاريخ الذي افترضنا أنه عام ١٢٣٩ هـ.
ويقال مثل ذلك عن الشاهد الأول عبد الله الباحوث الذي لم يذكر اسم والده.