منهم معلم ماهر في بناء الطين مشهور في بريدة في أول هذا القرن الرابع عشر واسمه حمد ... الشميمري اشتهر بسرعته في البناء حتى ضرب به المثل وحتى دخلت براعته فيه في المأثورات الشعبية فذكر لي أكثر من واحد أنه بنى من اللبن ستة عشر ألف لبنة فيما بين صلاة الظهر والمغرب، وأنه كان يصف اللبن على الجدار برجليه ويديه.
كانوا يقولون ذلك معتقدين بصحته، وأظن أن في الأمر مبالغة وينبغي أن نذكر المقصود من البناء باللبن - جمع لبنة - لأن الجيل الجديد من أولادنا لا يفهم ذلك لكونهم لم يعاصروا البناء بالطين.
فالطين الذي ينقل من أماكن أرضها طينية حرة إلى بريدة التي معظم أرضها رملية يصب عليه الماء ويخلط ثم يوضع في ملبن وهو على هيئة مستطيل كأنه سلة الصندوق أو درج (الدالوب) إلَّا أنه ليست له قاع بل هو مجرد حواجز أربعة مربوطة بعضها ببعض، وقد عهدنا الأولين يربطونه بقد وهو سيور من جلد غير مدبوغ أما المتأخرون فإنهم كانوا يربطون بعضه إلى بعض بمسامير ويصنعه النجارون.
فيضع من يصنع اللبن من هذا الطين في الملبن الذي يكون وضعه على الأرض وتكون الأرض بمثابة القاعدة له، ويتركه في الشمس ليجف، بل ليبس، ولا يفعلون ذلك به إلَّا في وقت الحر، حيث لا ينزل المطر، لأن المطر لو نزل عليه أفسده، ويضعونه صفوفا صفوفا منتظمة، وبعد فترة، إذا جف يقلبون اللبنة رأسا على عقب لتذهب الرطوبة من أسفلها أيضًا.
ثم يبنون به، والبناء يكون بوضع اللبن علي الجدار سواء أكان عاليًا أم قريبًا من الأرض ويضعون أسفل منها طينًا لا يكون رقيقًا حتى يكون بمثابة الفراش لها يمتص رطوبتها ويحفظها من السقوط.