بينما كنا جالسين في الدير أو الحلقة مع محمد بن رشيد وحسن المهنا وكبار قومهم والدير الحلقة التي يجلس عليها القوم في الصحراء من عادتهم أن لا يكون احد منهم خلف صاحبه في الجلوس بل يصيرون حلقة واحدة على هيئة هلال بين رأسه كبير القوم، وكبرائهم.
قال: وذلك خلال المعارك التي كانت تجري بين عتيبة وبين محمد بن رشيد ومن معه من أهل القصيم قبل المعركة الفاصلة التي انتهت بهزيمة عتيبة بسبب وجود جيش أهل القصيم معه كما قال شاعر عتيبة:
ما قلَّ دلَّ، وزبدة الهرج فيشان ... والهرج يكفي صامله عن كثيره
لولا حسن اقبل بذربين الايمان ... صارت عليكم يا ابوماجد كسيره
يريد حسن المهنا وذربين الإيمان: الذين معه من أهل القصم.
قال: فلما صار صاحب القهوة يريد صب القهوة أخذ ابن رشيد في يده فنجالًا من القهوة، ورفعه قائلًا: من يشرب فنجال محمد بن هندي؟ يريد من يتحدى الفارس المشهور محمد بن هندي شيخ قبيلة عتيبة؟
قال: فسكت الناس، فقال: ابن رشيد من يشرب فنجال محمد بن هندي؟ يريد بذلك ما هو معروف عندهم من أن شرب فنجال الرجل معناه تحديه والاستعداد لمبارزته في القتال.
فسكتوا، وفي المرة الثالثة قال (الصطامي): أنا، فأعطاه ابن رشيد الفنجال قائلًا: الله يعينك عليه، فشرب الفنجال.
قال وكان في الجيش بعض الأوباش الذين لا يؤبه لهم من أهل المنطقة من الأعراب المحايدين فابلغوا ابن هندي بأن (الصطامي) شرب فنجاله.