للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحبب له وهو شاب العلم وأهله والأدب والمتحلون به، فأخذ شيئًا من النحو على شيخنا العلامة الشيخ بشير الغزي، وطالع الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وأخذ بعد أن صار لديه ملكة حسنة في النحو في مطالعة كتب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرها من كتب السلف وأخذ في الانتصار لهم، واجتمع لديه مكتبة نفيسة حوت كثيرًا من الكتب المطبوعة لم تزل محفوظة عند أولاده إلى الآن.

وكان مكثرًا من مطالعة الصحف والمجلات، واقفًا على أخبار العالم وسياسة الدول، وقلما يخطئ له رأي في مطالعاته السياسية، ولما نشبت الحرب الروسية اليابانية كان من رأيه من بدء الحرب فوز اليابان فيها، وأخذ يبرهن على ذلك خلافًا لما كان عليه الأكثرون من العارفين.

وكان من رأيه أن لا تدخل الدولة العثمانية في حرب ما مع ولاياتها المنفصلة عنها لما كان يراه من ضعفها وانصراف أولياء الأمور فيها والقابضين على زمامها إلى البذخ والترف والانغماس في الملذات والشهوات وارتكاب الموبقات وعدم إقامة العدل وفشو الرشوة في محاكمها من أكبر مأمور إلى أصغره إلَّا من رحم ربك، وهذه الأمور منذرات بالخراب سالفات إلى مهاوي الهلكة والدمار، كما قال الله تعالى {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (١)، تلك سنة الله في خلقه ولن تجد لسنته تبديلًا.

ولما أعلنت النفير العام حينما نشبت الحرب العالمية الكبرى جزم بتشتتها واضمحلالها، وكان لا يعبأ بانتصارات الألمان ولا يقيم لها وزنًا، ويبرهن على انخذالها في هذه الحرب مهما طال ثباتها وتوالت انتصاراتها.


(١) سورة الإسراء، الآية ١٦.