وكان من المنتحلين للمذهب الوهابي (المنسوب لمحمد بن عبد الوهاب) ومن الدعاة إليه، يناظر فيه عن علم ممزوج بآداب المناظرة وحسن المجادلة، ولا يمنعه عن المجاهرة بعقيدته وأفكاره مخالفة الناس له في ذلك، ونبذه الناس لانتحاله هذا المذهب لمناظرته فيه ومطالعته كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم وإنكاره الشديد على أهل البدع، ونسبوا كل من كان يحضر مجالسه إلى الوهابية، فكان يتحاماه أكثر عارفيه خصوصا في عهد السلطان عبد الحميد، ومع هذا فإنه لم يزل مصرًا على عقيدته ومجاهرته بآرائه، لم يثن عزمه لومة لائم ولا وشاية واش.
وله رسالة وجيزة في الرد على خطبة المسيو جبرائيل هانوتو التزم فيه السجع، فمنها قوله:
"إن مقالته تقشعر منها الجلود، وتفطر منها الكبود، أوقعت بعض الإسلام في حيرة، وصارت في مجتمعاتهم سيرة، وتغيرت منهم السريرة، فغدوا يستاءلون عن جنايتهم، فالإنجيل شاهد ببراعتهم، وكذلك الإلزاس واللورين، وهم على ذلك من الشاهدين، وغير معلوم ما الحادي للوزير على هذا الأمر سوى ما كان من مسألة الحلول بمصر، وأقرب منه مسألة فشوده، وما حصل فيها من الإهانة على جنوده، فهي من أمل غير بعيد وتحمسه على غير الفاعل ما يطفأ له لهيب.
أعلينا جناح كندة إذ يغنم غازيهمُ ومنا الجزاءُ (١).
ومنها قوله: وقد كثر على هذه المقالة الإنكار، وتجاذبت للاكتشاف على سرها العقول والأفكار، وأكثر ما وقع في النفوس، أن الموسيو غير بريئ من جناية دريفوس، ولما شاع إعادة محاكمته، وطلبها من هو بريء من جنايته، واضطربت أفكار الوزير، حذار يوم شره مستطير، لعلمه ما بالقوم على وطنهم من الغيرة، ولا مراعاة لمن خانه أميرًا كان أو أميرة، فاضطرته صروف