وأسلوبه في كتابه هذا - وفي غيره - أسلوب علمي راق بعيد عن الإسفاف والتجريح، يطارد المعلومة ويسائلها ويحلل أبعادها، ويحاور النص والوثيقة قدر ما يسعفه النظر والتأمل، حتى أصبح هذا الكتاب فتحًا علميًا في جانب غفل عنه كثير من الباحثين، وهو علم الوثائق وفن قراءتها وتحليلها، وطرائق الاستفادة منها، وذلك انطلاقا من أنها مصدر رئيس ومنهل عظيم الأهمية في التأريخ لهذه البلاد، وخاصة لمنطقة نجد، حيث تغيب المعلومة التاريخية، وتندر الكتابة التي يعتمد عليها المؤلف، فلا يغدو بين أيدي الباحثين إلا استثمار الوسائل الرديفة لتحقيق المعلومة، ومعرفة الأسماء والتواريخ والأحداث والأملاك والوصايا والآراء والمواقف، وهو ما تميز به المؤلف الشيخ محمد بن ناصر العبودي ورعاه، وهو ما يدعوني هنا إلى أن أتمنى عليه أن يفرد تجربته هذه مع الوثائق والمكاتبات والرسائل في كتاب يتأمل فيه هذا العلم، ويترك للباحثين سبيلًا لقراءة وثائق مناطقهم ومدنهم في المملكة وغيرها، كما أني أرشد الباحثين وطلاب الدراسات العليا إلى أن ينهلوا من هذا الكتاب بشكله العام، وأن يعطوا الوثيقة عناية خاصة، إذ إن المؤلف - أثابه الله - قد جمع ورصد وحلل ما لا يوجد في مصدر آخر بتاتًا، فهو الكنز الذي يكشف لأول مرة في تاريخنا المحلي، ومنه نستطيع أن نكتشف طبيعة النمو الحضاري والثقافي الذي شهدته هذه البلاد، حيث نجد في هذا المعجم ما يعطي الدرس الكبير في الاستئناس بنعمة الله الكبيرة على أجيالنا المعاصرة، ويدفعنا إلى شكر المنعم والثناء عليه بما هو أهله جل وعز.
كما يكشف لنا هذا المعجم ما تكتنزه ذاكرة مؤلفه القوية ومعلوماته الثرية بما يتصل بأسر هذه البلاد ورجالها ونسائها، ومواقفهم، وآثارهم العلمية،