وأظن أنني شرحت معني (لبن المقبرة) فهي جمع لبنة وهي الطين الذي يخلط ثم يترك ليجف وييبس بحرارة الشمس ثم يؤخذ لبناء البيوت الطينية به، ولكن (لبن المقبرة) له معني خاص، فالمراد منه اللبن الذي يصف فوق لحد الميت لكي يقي جسمه من أن ينهال عليه التراب انهيالًا حالة دفنه.
ويحتاج قبر الميت إلى ست أو سبع لبنات، ومع قلة عدد السكان، وكون لبن المقبرة لا يحتاج إلى لبن كثير ويلاحظ أن اللبن في الفصحى ينطق بها بفتح اللام وكسر الباء فلذا قال:(وما فدّ عن المقبرة يصرف للسراج).
فمعنى (فدَّ): بقي زائدًا عن الحاجة فيصرف للسراج أي سراج المسجد مع العلم بأنه لم يعرف المسجد، وربما ظن أنه لا حاجة إلى ذلك لكونه لا يوجد قربهم إلَّا مسجد واحد، ولا يلتبس بغيره، أما الآن وقد كثرت المساجد فإنه لابد من تعيين ذلك المسجد، وقد جعل الوصي على تنفيذ وصيته هذه شخصًا معروفًا بعقله واتزانه وصدق نظره وهو عقيل بن محمد الصمعاني لكن الغريب أنه ذكر أنه وكيل أي وصي على ثلثه أي ما أوصى به من ثلث ماله، وعلى ثلث أبيه وعلى سبيل صالح، ولم يوضح لنا من هو صالح، ولكنه معروف عندهم. وهذا نص وصيته بخطه، بعده نصها بحروف الطباعة.