للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نزلت أخذ الرجل جزاه الله خيرًا بيدي صاحبي وأقعده ثم أنفضه عدة مرات حتى شخر، وهو المعاون محمد، وإذا بلسانه قد خرج طوله حوالي عشرين سنتمتر وبدأ يؤشر بيده ماء ... ماء!

يقول الوالد في سالفته: زاد هلعي هلعًا أكثر من هذا المنظر: قال الرجل قائد السيارة لا تعطه ماء، ذهب إلى سيارته وأحضر دهن وخلطه مع تمر وصار (مريس) فنقط بحلقه عدة نقاط من المريس: ثم حمله ووضعه في سيارتي، وقال خذ هذا المريس وأعطه بين كل فترة وأخرى ولا تعطه ماء، وامش ندرك رفيقك الآخر (حماد).

يقول الوالد: سرنا بضعة أكيال من مكان محمد: فإذا بالرجل يصيح بأعلى صوته: أبشر يا إبراهيم هذا حماد جالسًا، أبشر إنه حي، وصلنا إلى حماد ونزلنا إليه مسرعين، وبدأت أناديه وأنا فوق رأسه واقفًا حماد، حماد بالرغم من أن حلقي ناشفًا من هذا الموقف ولم أذق من البارحة شيء إلا اللهم الماء!

أعطاه الرجل قليلًا من الدهن والتمر (المريس) وقال: حماد أريد ماء، قال الرجل أصبر، وذهب إلى المعاون محمد وأعطاه قليلًا من الماء حتى استرد وعيه، ثم أعطى حماد مثله، وهكذا أخذ الرجل يسعفهما وأنا شاخص لا حراك بي!

وعندما صحا حماد قال: يا إبراهيم أين المعاون محمد؟ قلت هو بخير هو الآن بالسيارة، قال: الحمد لله، أنا خفت عليه لأنه بدأ يشرب (بوله) أعزكم الله، وأعز القراء، وعندما انتهى بوله صار يطلب مني بول ويلح علي وأنا أحذره من هذا لأنه سيزيد عطشه، ولكن الحمد لله.

وأنا يا إبراهيم ما صحوت إلا قبل دقائق فقط من مجيئكم عندما برد الجو وهبت (الصبا) (١)! وإلا آخر خبر بنفسي والدنيا منذ سقطت على الأرض


(١) ريح باردة تهب على نجد من الجنوب الشرقي!