عبد الله أبو طامي لم يكن معه شيء، وكان الفرنسيون يجندون الجنود من سوريا برواتب مغرية فانضم إليهم وأصبح جنديًا في جيش فرنسا.
ثم أسفرت الحرب عن هزيمة فرنسا وخروجها من سوريا فعاد إليه الفقر، وبقي اثنتي عشرة سنة في دمشق خرازًا، ثم لضيق الحال عاد من دمشق إلى المملكة، ولكنه ذهب إلى الرياض ليعمل خرازًا غير أنه وجد أن أجهزة الراديو قد أخذت في الظهور عند الناس، وكان له بصر بالهندسة وميل إليها، فأخذ ينظر إلى أحدها حتى عرف أجزاءه ثم أخذ يصلحها ويكسب من ذلك أجرًا كبيرًا لأن الذين يقتنونها كانوا في الغالب من الأمراء والأثرياء، ثم انتقل إلى الحجاز، وفتح محلًا في مكة لتصليح أجهزة الراديو والكهرباء، وتزوج فيها وأقام سنتين.
ثم انتقل إلى الرياض وقد شاع صيته في إصلاح الراديو وأنشأ أول إذاعة وطنية بيده وبجهده الخاص، ليس فيها لأحد من المهندسين الأجانب شيء، وأسماها الإذاعة الوطنية.
واستمرت تذيع ويكتسب منها حتى اشتهر باسم (طامي) ولم يبق أحد لا يعرفه وأخذت هذه الإذاعة تصبح لسانًا للملك سعود رحمه الله، وأخذ الملك سعود وأتباعه يشجعونها، ويمدونه بالعطاء منهم، وكان ذلك إبان اختلافه مع إخوانه الملك فيصل والأمراء الآخرين، فلما انتصروا على الملك سعود عرف أبو طامي أن نجم إذاعته قد أفل، فاستدعاه الملك فيصل رحمه الله وقال له: يا ولدي حنا نرى أنك تغلق إذاعتك لأنك إن قلت قول تمدحنا فيه غضب عليك اللي غيرنا وإن مدحت الآخرين غضب عليك اللي ما يوافقونك.
وكان أبو طامي متوقعًا من الملك فيصل أن يعاقبه، لذلك أعطاه مفاتيح الإذاعة وقال: يا طويل العمر أنا ولد لكم وهذي مفاتيح الإذاعة.