يتجاوز الأربعين واشترى مزرعة التغيرة، لكي يؤسس استثمارًا عقاريًا وزراعيًا، وشاء الله أن ينجح في زراعته، وأن تكون أطراف مزرعته التغيرة من أهم أحياء مدينة بريدة، وأن تصبح المزرعة في وسط المدينة، بعد أن تجاوزها العمران شمالًا بعدة كيلومترات.
ومضى يكدح في مزرعته طيلة نصف قرن، حتى إنه ليعد من أقدم المزارعين في بريدة.
لديه ذاكرة عجيبة، إذ يحفظ كثيرا من القصائد والأخبار، وهو من بهجة المجالس، فكهًا في حديثه، أعجوبة في تشقيقه للحديث وروايته للأحداث، وقد شغلته الزراعة والتجارة عن المطالعة والأدب، وكان دائمًا يبدي أسفه على عدم تعلمه النحو، ويراه أساس البلاغة والخطابة، وأن الذي يتقن قواعد اللغة يكتسب الجرأة على الخطابة والكتابة، لأن اللغة هي الأداة الموصلة للأفكار، وكان - رحمه الله - يقرض الشعر، ولا يحب أن يشتهر به، ولا يرغب أن يذيع من قوله سوي غرضي الحكمة والحماسة، ولم أنقل عنه - رحمه الله - سوى أربع قصائد تقريبًا - وللأسف لم أرو عنه شيئًا من قصصه وأخباره، إذْ أنني بدأت كتابة زاويتي (من أفواه الرواة) في عام ١٤٠٥ هـ، وهو العام الذي أصيب فيه - رحمه الله - بمرض ألزمه الفراش، وأضعف ذاكرته، وجعله عزوفًا عن الكلام، ولهذا لم يتيسر لي الاستفادة من جمه الغزير، اللهم سوي رواية بعض قصائده وقد دونتها في هذا الكتاب، وشيئًا يسيرًا من رواياته، كان لا يزال باقيًا في ذاكرتي أيام محاورته عندما كان صحيحًا.
وكان - رحمه الله - محبًا للخير، تبرع بأرض واسعة شمال ملكهـ، وجعل ريعها على مساجد بريدة، كما أوقف أرضًا لتكون معهدًا لتحفيظ القرآن، وتبرع بأرض واسعة على شارع التغيرة، لإقامة دار للمسنين عليها، وله أوقاف وصدقات معلنة وخفية.