إلى المنزل، وفي اليوم التالي رماني بباب المسجد، وأيضًا لم يلتقطني أحد، وهكذا، ثلاثة أيام يرميني بباب المسجد لعل الله يبعث من يلتقطني، ولكن الله لم يرد ذلك فأخذني والدي على كره ومضض.
لأنه أصبح لديه ست بنات، ويتمنى أن يأتيه مولد ذكر عند كلّ ولادة، ثم حملت والدتي جنينها السابع، انتظر والدي بفارغ الصبر هذا المولود القادم عله يكون ذكرًا.
حانت الولادة وأتت والدتي بمولود ذكر، ففرح والدي أيما فرح به، فماتت أختي الكبيرة، وبعد مضي زمن ولدت أمي مولودًا ذكرًا ثانيًا، فاستبشر والدي به، فماتت أختي الثانية، وبعد مضي زمن ولدت أمي ولدها الذكر الثالث فماتت أختي الثالثة.
وهكذا كلما ولدت أمي مولودًا ذكرًا ماتت مقابله أخت لي، حتى ماتت جميع أخواتي الخمس، وبقيت أنا من الإناث فأصبح لوالدي خمسة أبناء وبنتًا واحدة هي أنا.
كبر إخوتي، وكبرت معهم، وتزوجوا وارتحلوا واستقلوا كلّ في بيت لوحده، وكبر والدي وأقعدته السنين كما يقولون في المثل (مسك الأرض) وكبرت والدتي أيضًا معه، وبقي دوري أنا وإخوتي في مكافاتهما.
انقطع إخوتي عنا وعن زيارتنا وحتى عن السؤال عنا، ولو من بعيد، خاصة عن والدي اللذين صحتهما في انحطاط لكبر السن، وما يعتريهم من أوجاع وأمراض وبحاجة إلى رعاية صحية لكن لم يحصل منهم لاذا ولا ذاك.
فصرت أنا العائل المنفق عليهما، والقائم بخدمتهما، وأحضرت لهما خدامة ترعاهما وتقوم بخدمتهما أثناء غيابي للعمل، فلذلك قررت عدم الزواج طالما أنهما حيان، فما كان من زميلاتها عندما سمعن بسالفتها إلَّا أن أكبرن فيها هذا الصنيع مع والديها، وإن كان واجبًا دينيًا يفرضه الدين والخلق لكل والدين من أولادهم، وصارت محل تقدير واحترام ولاحظن زميلاتها بشاشة وجهها وراحتها النفسية، فلم