للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زواجه لأن زواجه تأخر إلى واقعة المليدا وكان ممن شهد الوقعة فعزم على أنه إذا رجع إلى وطنه سالمًا ليتزوجن فتزوج وله من العمر أربعون سنة.

وكان رحمه الله حسن الكتابة ولجودة خطه كان كاتبًا للأمير حسن بن مهنا، وقد يسير في رفقة الرجل المدعو (الحصان) خارص الأمير حسن، ومن زملائه في الكتابة محمد بن عيدان، كان والدنا يحدثنا أنه لم يكن في زمانهما أحسن منهما خطًّا، فقدر أنه جاء أعرابي إليهما وجعل يسألهما هل يحسنان الكتابة فازداد عجبهما به، وكيف سولت له نفسه أن يبحث في هذا الموضوع حيث لم يدع القوس لباريها والسهم لراميها، فلما رأى الأعرابي أنهما ينكران علمه بالكتابة طلب قلمًا وورقة ولما أن رأى القلم طلب أن يتولى هو بريه بنفسه فأخذ سكينًا وبرى القلم مرتين وقطع في الثالثة رأسه أعني القلم، وقال أريد أن أكتب لكما فائدة فكتب هذه الكلمات (الحمد لله الواحد القهار العزيز الغفار الملك الجبار) ثم ناولهما كتابته فإذا هي آية في الحسن والجودة وحقرا أنفسهما واستصغراها.

وكان والدنا رحمه الله جوادًا كريمًا محسنًا إلى الناس شكورًا لنعم الله تعالى، ولقد أعطاه الله بسطة في الرزق وسعة في المال في النصف الأخير من عمره، فكان يتمنى أن لو كان ذلك في حياة والده ليواسيه ويوسع عليه، وكان يأكل من كسب يديه وعنده ثروة عظيمة ويبذل الأموال في سبيل الخير والإحسان وصلة الأقارب وله مقامات في الإحسان.

سمع مرة وهو جالس في دكانه رجلين يختصمان فاستمع إلى كلامهما فإذا قد اشترى أحدهما ناقة من صاحبه، ولم يجد لها ثمنًا وقد تبعه صاحبها يقول ناقتي أو ثمنها، وجعل المشتري يسائله بالله أن يصبر حتى يأتيه الله برزق من عنده فإنه لا يجد في الحال الثمن فتعلق به صاحبها وأخذ خطامها من يده، فوقف المشتري مقهورًا لأن الناقة لها موضع عنده وما لديه قيمة لها فقام الوالد وعد قيمتها (وكانت