للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخضرة فإن عنده مائدة ضخمة فقام الفلاح وحمل ما لديه على حمار قوي وأمر أكبر أبنائه أن يقصد به قصر الإمارة فتقفاه ابنه وأتي به إلى الوالد يقول هذه هدية من أبي فلان فأخذه الوالد وشد على الحمار ما يطيقه من الحمل أرزاقًا وكسوة، فرجع الفتى إلى أبيه فسأله لما رأى الجزاء قال يا بني إلى من ذهبت به إليه؟ فأجابه قائلًا (عمنا عبيد) أما كنت بعثتني إليه فتراجع الأب عندما رأى الأرزاق بين يديه وقال أتدري يا بني أصبت والله في صنيعك ذلك فقال له: يا أبت إنك غاو في رأيك تريد بعثه إلى الأمير فلعله يسخطه ويستقله وانظر الآن ما قابلك به هذا الجواد.

ودخل عليه مرة رجل أشمط عليه سيماء الصلاح وأنا حاضر عنده في وقت المساء فسأله عن اسمه فعرفه الوالد بنفسه فقال: إني كنت البارحة نائمًا في سطح مسجد جامع بريدة فأتاني ملكان جلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال لي أحدهما بشر عبيد بن عبد المحسن بالجنة فقال الملك الآخر بم نال ذلك، فأجابه الملك الأول بقوله: (أفلا أكون عبدًا شكورًا) فدعا له الوالد وذكر له أنه قد تكرر رؤية ذلك قبلها ونسأل الله أن يمن علينا وعليك بفضله.

وكنت أشاهد من أعماله وأخلاقه الطيبة ما يرجى له معه الفوز بالجنة والنجاة من النار، فقد لبث عشرين سنة لا يصلي إلا خلف الإمام في الصف الأول فلا تفوته تكبيرة الإحرام.

وله عادات مستحسنة فكان يفطِّر الصوام في شهر رمضان ويطعم المعتكفين في العشر الأواخر منه، وقد يضحي بسبع ضحايا لنفسه وأقربائه وكان مكرمًا لأنجاله وأحسن تربيتهم وقدمهم لتعلم القرآن والسنة وإذا رأى منهم مجتهدًا فرغ باله، وقد كفاهم مؤونة الدنيا، وزوج البالغين، وقام بحجهم فجزاه الله خيرًا.

وكان له ذوق في شراء الكتب الدينية وتقديمها لهم ويطالع، وكان مولعًا بتلاوة القرآن ويحب الصوت الحسن وقد يجعل جائزة لمن حفظ من أبنائه