أن جد العثيم لا يزال في (سوق الشيوخ) في ذلك التاريخ ثم توجه إلى بريدة.
ثم إن الوباء الذي ذكروا أنه سبب مجيء عثمان بن عثيم إلى بريدة كان معروف التاريخ وأنه في عام ١٢٤٧ هـ. وقد وصفه المؤرخون وصفًا دقيقًا وذكروا من بين ما ذكروه أن (سوق الشيوخ) في العراق أصابها وأهلك أهلها وهي البلدة التي جاء منها عثمان بن عثيم إلى بريدة.
وذكر ذلك الوباء وتاريخه المؤرخ عثمان بن بشر - رحمه الله - ووصفه بقوله في حوادث سنة ١٢٤٧ هـ:
وفي هذه السنة وقع الطاعون العظيم الذي عم العراق، ثم مشى على السواد والمجرة، ثم إلى سوق الشيوخ والبصرة، وبلد الزبير والكويت وما حولهم، وليس هذا مثل الوباء الذي قبله المسمى بالعقاص، بل هذا هو الطاعون المعتاد، أعاذنا الله من غضبه وعقابه، وحل بهم الشرب (١)، والفناء العظيم، الذي انقطع منه قبايل وحمايل وخلت من أهلها المنازل، وإذا دخل في بيت لم يخرج منه حتى لم يبق فيه عين تطرف، وجثا الناس في بيوتهم لا يجدون من يدفنهم وأموالهم عندهم ليس عندها حارس ولا والي وأنتنت البلدان من جيف الإنسان، وبقيت الدواب والأغنام تايهة في البلدان، ليس عندها من يعلفها ويسقيها، حتى مات أكثرها ومات بعض الأطفال عطشًا وجوعًا وخر أكثرهم في المساجد صريعًا لأن أهليهم إذا أحسوا بالضرب رموهم في المساجد رجاء أن يأتيهم من ينقذهم فيموتون فيه لأنه لا يأتيها أحد ولا يقام فيها جماعة وبقيت البلدان خالية لا يأتي إليها أحد، وفيها من الأموال ما لا يحصي عده إلا الله.
فلما خلت البلدان وقع فيمن هرب حولها حتى ما بقي منهم إلا القليل، فلما كان بالنصف من ذي الحجة من السنة المذكورة ارتفع، وكان بدؤه شيئًا فشيئًا، ثم كثر حتى أفني، واجتمع أناس من بقية الهاربين وأكثرهم من الصلبة