يقول: إن ديرته التي هي مدينته وهي بريدة قريبة منه، ولكن رؤيته لها أبعد من الأمصار عنه، يقصد أنه لا يستطيع أن يدخلها، ثم ذكر وصفًا لها بأنها التي يقول الساكن فيها لمن يساكنه فيها: اشرب يا شريبي، وانا اشرب، ويريد أن كل واحد منهما يشرب من غير أن يمنع صاحبه من الشرب.
وأصل ذلك في أن يجتمع الناس في موارد الصحراء فيمنع بعضهم بعضًا من الشرب منها الذي يراد به الاستقاء منها يحتكرون ذلك لأنفسهم والشريب هو الذي يشاركك شرب الماء الذي في المورد الصحراوي.
ومع هذا الوصف لبلده فإن جماعة من أهلها يتمنون أن يشربوا دمه، فضلًا عن أن يسمحوا له بأن يشرب منها معهم.
وقالت العامة: إنه عندما وصل إلى الجوف جمع أهل الجوف وقال لهم: لا تظنوا أنني جئت أنكر عليكم ما أنتم عليه، بل اعتبروني واحدًا منكم أما بخصوص مجالس السمر فإنني شاعر كفيل بأن أنظم لكم ما تريدون فأنا شاعر.
قالوا: فقبله أهل الجوف، إلا أنه لم يقبل ذلك في نفسه ونظم قصيدة أرسلها من الجوف إلى بريدة هي من عيون قصائده، وقد نقلتها من خط الشاعر علي بن محمد بن طريخم من أهل بريدة لما ذكرته قبل ذلك.
وشعر محمد بن علي العرفج يصح أن يقال فيه: إنه من جاهلي الشعر العامي لا من حيث كونه ليس إسلاميًا فهو كغيره من الشعراء المسلمين، ولكن من حيث جزالة ألفاظه وغرابة أسلوبه وتعبيراته، وكونه حفظ ثروة لغوية، بل كنوزًا من الألفاظ العامية التي عفا عليها الزمن، ولكنها بقيت في شعره حية، بل نابضة بالحياة، لأنها دخلت في جمل وتعبيرات أبقت لها ذلك.
وهذا الشعر جدير بأن يدرس، وتحلل ألفاظه ومعانيه، وقد ضمنت ما ورد من الكلمات الغريبة والكلمات الأخرى المهمة في كتبي في اللغة، وبخاصة (معجم الألفاظ العامية) الذي أسميته بالمعجم الكبير.