السعي في الصلح بين هذين الأميرين باسم الحكومة وعرض المسألة على مجلس الإدارة فوافقوا على انتداب الوالد لهذه المهمة فكتب له الوالي كتابًا بهذا الأمر، ولما حضر فاوضه الوالي في الأمر وأعلم بأن النفقة على الحكومة فأبي الوالد أن يتداخل في الأمر لأنه تيقن عدم النجاح في هذه القضية وقال للوالي أنا قد قمت بهذه المسئلة حقنًا لدماء المسلمين وانفقت من خالص مالي للإصلاح بين هذين الأميرين طلبًا لوجه الله تعالى، وأما الآن فقد صار في المسألة تفاخر ومباهاة فلذلك لا أتداخل في هذا الأمر ورفض طلب الوالي وبقي مقيمًا في البصرة إلى أن توفي في التاسع من شهر صفر سنة ١٣٣٢ هجرية وعمره (٦٩) سنة، وقد خلف أربعة من البنين وبنتين إحداهما توفيت بعده بسنتين والأبناء هم عبد الله ومحمد وعبد اللطيف وعبد الصمد وهم أحياء يرزقون.
أما أنا فقد ولدت في الخامس من شهر شعبان من شهور سنة ١٣١١ هجرية وقبلي بسنة ولد أخي عبد الله، وكان والدي حريصًا جدًّا على تعليمنا العلوم الدينية فأرسلني أنا وأخوتي إلى المدرسة المرجانية ببغداد لتعلم مبادئ القراءة والكتابة، والقرآن الشريف، فتلقينا جميعًا مبادئ القراءة والكتابة على رجلٍ طاعن في السن يسمي ملا نجم، أما إخوتي فاكتفوا بالمبادئ ولم يزيدوا عليها وقرأنا فن التجويد على مجودٍ من أهل الموصل، وأما أنا فقد أولعت في طلب العلم فقرأت النحو والصرف على الأستاذ الحاج علي علاء الدين أفندي الألوسي أولًا في مدرسة جامع المرجانية وأكملت بقية هذين الفنين على الأستاذ العلامة محمود شكري أفندي الآلوسي في مدرسة جامع الحيدر خانه وابتدأت عليه في قراءة فن المنطق. انتهى.