وكان مزواجًا كان يجمع في بيته أربع زوجات، وقد رأيت ذلك وأنا صغير، فكانت عنده أربع زوجات كل واحدة منهن لها روشن يبيت عندها فيه ليلة من أربع ليالٍ، طبقا للقسمة الشرعية بين الزوجات في مبيت الزوج عندهن.
وكان عنده في بيته بقرتان للبن، وبذلك صار بيته متميزًا بالزوجات الأربع في بيت واحد وبوجود بقرتين فيه للبن، وعادات الأثرياء الذين لا يبخلون على أنفسهم يربطوا بقرة واحدة في البيت للبن وقليل من الناس الذي يستطيع ذلك في تلك الأزمان التي أدركتها في منتصف العقد السادس من القرن الرابع عشر.
وكان إلى ذلك وجيها كريما كثيرا ما يقيم المآدب والموائد.
حدثني والدي قال: قدم مرة موسى الحسين صهر خالك عبد الله الموسى العضيب من المدينة فأراد أن يسوي له وليمة عشاء، فوقف عند باب مسجد ابن شريدة وكان غاصا بالمصلين وجماعة المصلين فيه كثير، لأنه المسجد الوحيد في شمال بريدة، وقال لهم بعد الصلاة: يا جماعة الله يحييكم على العشاء عندنا باكر العصر.
قال والدي: ولا أعلم أحدا غيره في بريدة يعزم جماعة أهل المسجد جملة، وبلفظ واحد، وإنما كان الناس يعزمون أشخاصًا معينين.
فقلت لوالدي: هذا يسمى في الأدب العربي (الجفلي) كما قال الشاعر:
نحن في المشتاة ندعو (الجفلي) ... لا ترى الأدب فينا ينتقر
و(الجفلى) هو الدعوة العامة مثل هذه والتقري أن يختار الداعي أناسًا بأعينهم يعزمهم دون غيرهم.
فالشاعر يمتدح قومه بأنهم في المشتاة أي في زمن الشتاء حيث يقل اللبن لعدم