وللشاعر ناصر أبو علوان أخبار وطرائف منها ما حدثني به جماعة من شيوخ أهل بريدة قالوا: كان من عادة الرجل صاحب الأسفار في التجارة البعيدة ما بين بريدة والشام أو العراق إذا لم يسافر في سنة من السنين وحالته المالية سيئة إذ كان أكثرهم إذا عاد إلى بلده أكل ما كان حصل عليه من النقود في الخارج فأصبح خالي الجيب.
فإذا ما عاد عقيل من الشام وهم يعودون بجيوب ممتلئة وملابس رفيعة، فإنهم لا ينسون من تخلف منهم عن السفر، وغالبا ما تمتد سفرتهم السنة أو السنتين أو أكثر من ذلك.
قالوا: وفي سنة من السنين لم يكن أبو علوان قد سافر فيها إلى الشام أو العراق، وقد خلا جيبه وعضته الحاجة بنابها.
فأشار عليه أحد أصحابه بأن (يعزم) كبار عقيل وأثريائهم الذين قدموا لتوهم من الشام، ولم يكن عنده ما يشتري من النقود ذبيحة لهم فباع بساطًا عنده كان يفرشه في (قهوته) بريالين واقترض من صديق له ريالين آخرين واشترى ذبيحة وجريشًا وعزم أصحابه من عقيل هؤلاء العائدين بخير كثير.
قالوا: وقد عرفوا السبب الذي دعاهم إلى هذه الوليمة من أجله لأنها عادة متبعة عندهم، فأجمع رأيهم على أن يظهروا أنهم لا يعرفون بحاله، وكان من عادتهم أن يضعوا دراهم للداعي في السفرة بعد الفراغ من الأكل وقبل الانصراف فقرروا أن لا يفعلوا ذلك ليعرفوا ماذا يقول في شعره في هذه المسألة:
قالوا: فلما فعلوا ذلك وخرجوا من عنده دون أن يضعوا شيئًا من النقود في سفرته، وأيئس من ذلك أنشأ أبياتًا منها:
يا ناس رأس المال ما ابغي لكم شين ... اصبر ولو شَدْيتْ عشري ثمان