الناس أعوان من والته دولته ... وهم عليه إذا عادته اعوان
وثمة ملاحظة أخرى لابد أن أشير إليها وهي أن الكاتب الذي يود أن يتصدى للكتابة عن شاعر كالعوني، سوف يضطر إلى أن يسلك طريقة بأسلوبه تختلف عن طريقة الأسلوب الذي نهجه كثير من كتاب عصرنا الراهن، كالذين كتبوا عن نوابغ الفكر العربي من الشعراء وغيرهم، نعم تختلف كثيرًا عن أولئك، وذلك لأسباب منها: أن العوني لم تكن موهبته واتجاهه ونفسيته محدودة الميول، على أن يكون شاعرًا يقصد بشعره الجاه، أو اكتساب المادة بشتى الوسائل والأسباب، كما هو مبدأ كثير من الشعراء الذين سخروا مواهبهم لكسب المادة.
لا .. لم يكن العوني من هؤلاء، ولكن العوني سياسي أكثر من أن يكون شاعرًا مرتزقًا بشعره.
كل هذه الأمور الحية التي مرت بحياة العوني والتيارات السياسية التي حدثت في الجزيرة العربية إبان عصر الشاعر المباشر منذ عام ١٣١٨ هـ - ١٨٩٠ م حتى عام ١٣٤٠ هـ - ١٩٣١ م كل تلك الحوادث الصاخبة والمعارك الطاحنة كلها تعتبر جزءًا من حياة العوني، والعوني جزء منها.
كما أن الذي يريد أن يكتب عن العوني كشاعر مطبوع وسياسي بارع، لا يستطيع أن يكتب عنه بصورة مختصرة عن حياته وعن أدبه، وعن نبوغه بشكل محدود، على هذه الناحية ما لم يصطدم بالحوادث السياسية والعسكرية ذات التاريخ الحافل بالعبر من صميم جزيرتنا، تلك الأحداث التي كان للعوني دور عملي فيها.
ولهذا وجدتني مهمًا حاولت أن أكتب عن العوني بشكل مختصر عن حياته وأدبه، كما كتب أولئك الكتاب عن أدب وحياة بعض الشعراء، فإنني ما استطعت أن أنجح لأن حياة هذا الشاعر ودوره الذي لعبه يختلف كل الاختلاف