فان كان ما انت له وديع وراعي ... فهو المضيع بين ذولا وذولاك
فرد غريب طاح بين السباع ... من يمنعه غيرك وهو بين الادراك
انا دخيلك يا مقيت الجياع ... وانا بزبنك بين عفوك وحسناك
بعد أن انتهى الأخ الدرازي من تلاوته لما حفظه من قصائد العوني التي أنشدها وهو في السجن والتي ضاع منها الكثير أو أكثر من الكثير مات مع العوني، بعد ذلك وجهت إلى الدرازي السؤال التالي:
كيف كانت معنويته لمصاحبة العوني؟ فقال: لم ألاحظ منه أي دليل يعبر عن الضعف أو الانهيار، بل كان دائمًا يحدثني بما جرى له وعن حياته كأنه لم يكن في حالة سجن مثل السجن الذ نحن فيه، ويمضي الدرازي في حديثه عن العوني ويؤكد أنه وهو في سجنه ووضعه الذي هو فيه فإنه كان لا يترك النكتة فيما إذا جاءت المناسبة يقول الدرازي: ومن أمثال ذلك أن والدتي زارتنا في السجن، وقالت: كيف حالكم؟ فأجابها العوني قائلًا: حالنا يا أم محمد على ما تحبين حسنة وجميلة للغاية، ومن أكبر الأدلة على حسن حالنا هو أن القملة الواحدة التي هي ضمن الوف القمل لا يستطيع أحدنا أن يقتلها بيده من كبرها وسمنها وشراستها، اللهم إلا إذا أمكن قتلها برصاص البندق - ثم أضاف وهل تريدين يا أم محمد حال لنا أحسن من هذه الحال؟
ويؤكد الدرازي أن العوني خفف عنه السجن قبل موته بفترة، فأخلي سبيله بصورة محدودة، أي أنه أفسح له المجال بحيث أنه ترك يخرج من غرفته التي كان يوضع فوق ساقيه أصفاد الحديد - وسمح له أن يسير حرًّا كيف يشاء، ولكن ضمن جدران وأسوار السجن.
وإذا كان رفيقه الدرازي يؤكد أن معنوية العوني ظلت كما كانت دون أن يصاب بانهيار عصبي وإنه ظل على نكته - فإن لدي دليل آخر يؤيد رواية