طوفان، وسنة أخرى زرعت ولا صار الزرع شيء، وسنة بل سنوات لحقني دين وسنة قعدت بلا شيء، وكل هذا راح الحكي الليلة هو عشاي به طعم، يعني لحمه أو ما فيه شيء.
أقول: كأنما يريد العيدي أن يقول بلغة عصرنا: التعويل على الحاضر وإلا الماضي ذهب بما فيه.
وحدثني والدي أيضًا قال: أجدبنا مرة فخرج أهل بريدة إلى (المطا) يستسقون وأخرجوا البهائم والنساء والأطفال، وكان ذلك بعد انسلاخ فصل الشتاء دون مطر، فلما انصرفنا لقيت (العيدي) فدعوته إلى القهوة و (القدوع) في البيت فسر بذلك، ولما وصلنا الباب الشمالي من سور بريدة داخلين رأيت ما يشبه السحاب الأسود مقبلًا من جهة الشمال الغربي فأخبرته بذلك، وكان قد ضعف بصره، ففرح وقال: لعله سحاب إلَّا أنه بعد قليل أصبح لونه أصفر، وانتشر بسرعة فقلت له: إنه (عجاج يا أبو صالح) ولم نكد نصل إلى بيتنا حتى بدأ يزلزل الأبواب فأنشأ العيدي يقول:
هذا زمان لي شاف الرجل رفيقه ... امتقعْ وجهه ودمه به يغور
نستغيث ولا يجي كَود العجاج ... حاكم يظلم وفي حكمه يجور
وما دمنا في الحديث عن الاستسقاء فلنذكر حادثة استسقاء (العيدي) وذلك أن الناس أجدبوا سنة واحتبس عنهم المطر، فخرجوا للاستقاء إلَّا أنهم منعوا (العيدي) من الخروج معهم إلى الاستقاء وقالوا: هذا شاعر يقع في أعراض الناس، ونخاف إذا كان معنا ألا يقبل دعاؤنا.
فاستسقى الله لنفسه، وكان زارعًا في (قصر العيدي) قصره، وأنشأ منظومة مؤثرة يستسقي فيها الله تعالى.
وتسمى تلك المنظومة (استغاثة العيدي) والاستغاثة عند العامة هي