مساعدتكم لنا، وهي أن نبني سورًا حول بريدة، ومفالي غنمنا وبقرنا حولها.
قالوا: فأجابته القبيلة إلى ما طلب، وكان ذلك في وقت القيظ حيث يقطن الأعراب على المياه والموارد تاركين التجول في الصحراء بسبب شدة الحر، وعدم توفر الماء لمواشيهم في الأماكن البعيدة عن المياه.
فأخذ الدريبي يحضر الطين الذي يحتاجه السور المطلوب، وقد أدخل ذلك السور المكان الذي قد أناخت فيه إبلهم، وكانوا ينيخونها به في العادة في ضاحية بريدة، فلما استكمل السور وركب الدريبي وأهل بريدة أبوابه خرج أولئك الأعراب منه خائفين من أن يحتجز الدريبي إبلهم داخل ذلك السور فلا يستطيعون أن يفتكوها منه، فامتنعوا من الدخول إلى مكانهم المعتاد ذاكرين تصرفهم له، فعاهدهم على أن أول إبلهم يدخل سالمًا وآخرها يخرج سالمًا، وقد فهم الأعراب أن الإبل كلها تدخل سالمة وتخرج سالمة، أما راشد الدريبي فإن له تفسيرا آخر وهو أن البعير الأول من إبلهم يدخل سالمًا وكذلك البعير الأخير، وأما بقية الإبل فإنه يمسك بها، لأنه لم يجر على سلامتها اتفاق.
قالوا: وأمر الدريبي أن يعرف رجاله أول بعير يدخل، وأن يعرفوا آخر الإبل دخولًا.
فلما استكمل دخول إبلهم أخرج إليهم البعير الأول والبعير الأخير، وقال هذا الذي عاهدناكم عليه قد تم، وهذان البعيران سالمان، وأخذ بقية الإبل.
قالوا: وكانت هذه أول مرة تمتنع فيها بريدة من الوقوف أمام الأعراب ومطالباتهم المرهقة.
وقد سمعت الأشياخ من أهل بريدة من المعمرين المهتمين بهذه الأمور يعدون ذلك من قوة راشد الدريبي وسعة حيلته، وأنه من المزايا التي وفرها لمدينة بريدة.