قال: وكنا مسلحين فنزل عبد الله الغصن من البعير معه بندقه وضرب غرابة شداد أحدهم والشداد هو الرحل فكسرها، وقال بأعلى صوته: ترى هذي بالشداد والأخرى برأس أحدكم، إن ما تركتونا.
قال: فوقفوا خائفين وأسرعنا نحن، ولكنهم لحقونا على مسافة بعيدة وصاروا يطلقون علينا الرصاص وابن غصن يطلق الرصاص، ومرة قربوا منا وكنا نسوق الإبل بشدة هاربين فوقعت إحدى التنك المليئة بالسمن بحيث ارتخى حبلها فأخذتها ووضعتها في الأرض فأخذها عبد الله الغصن وحملها وهي لا يكاد يحملها الشخص المتوسط القوة، فقلت له: إتركها يا أبو ناصر، اتركها لا يدركوننا علشانها فقال: اتركها؟ ما يخسون، والله ما يلمسونها تبيهم يتيدمونها؟ والله ما يذوقونها.
قال ابن طرباق وأنا أريد بالفعل أن يأخذوها حتى يرجعوا عنا.
قال: فحملها عبد الله بن غصن ومعه بندقه وصار يلتفت عليهم إذا قربوا ليرميهم من البعد، وإذا بعدوا ركض والتنكه المليئة بالسمن وبندقه معه.
قال: ومرة أصاب أحد أعضاء الدورية التنكة برصاصة خرقتها من أعلاها فصار السمن يسير من أعلاها على جبهة ابن غصن لأنه كان حملها عندما أصيبت على رأسه فإذا سال السمن على جبهته أخذه بأصبعه ومص أصابعه لئلا يذهب السمن هباء، ويوسخ ثوبه! .
قال: وما زلنا كذلك ونحن نركض الإبل حتى يئست الدورية منا ورجعت عنا وسلم لنا مالنا الذي كان سيذهب وربما يسجنوننا أيضًا بسبب شجاعة عبد الله الغصن.
أقول: عرفت عبد الله بن غصن هذا قبل أن تبدأ شيخوخته فكان قوي الجسم، وكان وجيها يحب أن يدعو الرجال البارزين إلى بيته ويجتمع إليهم.