وهي تدل على زهده في الدنيا وورعه، وعدم خضوعه للحكام، وتطلعه إلى مناصب أو نحوها، ومن ذلك أخبار فيها غرابة.
منها أنه كان وهو إمام المسجد رأى رجلًا عند باب المسجد لم يدخله وكان المؤذن يعد المأمومين في صلاة الفجر كما هي عادة أهل بريدة التي أدركناهم عليها فيقول علنا: فلان بن فلان وكأنه يناديه فيجيبه، إن كان حضر الصلاة بقولة: نعم، أو خير، أو حاضر، وإذا لم يجبه كان معنى ذلك أنه لم يشهد صلاة الفجر مع الجماعة، ومعنى ذلك أن تقل قيمته الاجتماعية في نفوس الناس، ثم أن يعرض نفسه إلى أن يأخذ مؤذن المسجد شماغه وهو غطاء الرأس أمام الناس وبخاصة في السوق.
قالوا: وبينما كان المؤذن يعد الناس في صلاة الفجر إذا برجل يقول (حاضر) وهو عند باب المسجد فاستنكر الشيخ ابن فدا ذلك وقال له: هذا يعني إنك ما صليت، فقال الرجل: وأزيدك يا شيخ: أني علي جنابة، وجيت للمسجد فالله غفور رحيم، ولكنكم لا تعذرون.
قالوا: فأمر الشيخ ابن فدا عند ذاك بإلغاء العد.
هكذا سمعته ولا أدري أألغى العد لفترة معينة وهذا هو الذي أظنه أم بصفة مستمرة.
ومما يحكى عنه أن ابن رشيد أرسل إليه نقودًا مع رجلين من رجاله فرفض ابن فدا أن يتسلم النقود وهي من الريالات الفضية التي يسيل لها لعاب العالم غير الجاد، وقال لرجال ابن رشيد قولوا للأمير ابن رشيد إني ما أحتاج إليها، فقال أحد الحاضرين من محبي الشيخ: الشيخ يقول: سلموا لي على ابن رشيد وقولوا: الله يكثر خيره، ما لي حاجة لها الدراهم، والتفت إلى الشيخ قائلًا: ماهوب صحيح يا شيخ، فقال الشيخ ابن فدا، إن كان الأمير ابن رشيد من الصالحين فأنا أسلم عليه في كل يوم لأنني أقول في صلاتي: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين! ! !