للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

زاروه اقتصرت الزيارة على السلام عليه وهو في المكان الذي هو فيه إن كان يقرا أو يصلي فلا يهتم بزيارتهم، ولا يعمل من الحفاوة ما يعمله الآخرون، بل إذا فرغ مما هو عليه وصافح الزائر منهم، أقبل على نصحه ووعظه حتى يبكيه، ثم يخرج الزائر سواء أكان ملكًا أم أميرًا وهكذا دأبه.

ومن ورعه أنه كان يأمر بتفقد الجماعة للصلاة وخاصة صلاة الفجر، وهو ما يسمى بالعدد، وذات يوم تفقد المؤذن الجماعة ونادي على شخص باسمه، فصادف أن المؤذن ينادي باسم الرجل وهو يدخل إلى المسجد ففهم الشيخ أنه لم يدرك الصلاة، فقال له: ما حملك أن تكلمت وأنت تمشي ولم تدرك الصلاة؟ وكان الرجل عاميًا لكنه تشجع وأجاب الشيخ فقال: يا شيخ الله أرحم منكم أنا ما أدركت الصلاة، وتكلمت خوفًا منكم وعلى جنابة، وسأعود للبيت لأغتسل وأصلي صلاتي لله" فأمر الشيخ المؤذن بعدم العدد مدة حياته بعد هذه الحادثة.

ومرة أخرى وجد غريبًا في المسجد يكاد يموت من شدة البرد فأخذه إلى منزله وأدفأه وأطعمه، ولكنه سأله أين تريد؟ فقال الغريب إنني جئت من بلد كذا أقصد زيارة الشيخ عبد القادر الجيلاني في بغداد، فعرف الشيخ سوء معتقد الرجل وقال له: يا بني أذهب إلى القادر وأترك عبد القادر، ثم إنه ندم على سؤاله وكأنه يحب أن يتم إحسانه لذلك الغريب، غير أنه لما عرف سوء عقيدته، ونصحه فلم يقبل لم يستمر في البذل له، وقال: لن أسأل الغريب عن وجهته بعد هذه المرة.

واشترى له أحد أصدقائه كيسًا من البر فقال له صاحبه: وجدنا برًا طيبًا وكيالًا طيبًا فردد الشيخ وكيالًا طيبًا؟ ! وذلك يقول: نعم، فقال الشيخ: أعد البر على صاحبه أنا لا أريد الكيال الطيب، فما كان من صاحب البر إلا أن حضر بنفسه لإقناع الشيخ بأنه راض ومسامح فقال الشيخ: لا أريده إلا أن تأخذ زيادة في الثمن عن هذا الكيل الطيب.