قرأ القرآن وحفظه تجويدًا على مقرئ فيها ثم حفظه عن ظهر قلب وشرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة فقرأ على علماء بريدة ومن أبرز مشايخه القاضي سليمان بن مقبل والقاضي محمد العبد الله بن سليم وابن عمه محمد بن عمر بن سليم، لازم هؤلاء ملازمة تامة ليله ونهاره، وكان ذكيًّا وعنده موهبة وحفظ وفهم ثم سمت به همته للتزود والاستفادة من العلم والتجرد للطلب فرحل إلى الرياض فقرأ على علمائها، ومن أبرز مشائخه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن وابنه عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، وقرأ على عبد العزيز بن حسن الملهمي، لازم هؤلاء زمنًا ورجع إلى بريدة وقد تضلع في علمي الأصول والفروع فلازم مشايخها وكان متواضعًا ذا خلق حسن ويوصف بالورع والتقى، بالفضيل بن عياض وبالوعظ بابن الجوزي ولمواعظه وقع في القلوب وتأثير.
وكان واسع الاطلاع في فنون عديدة رشح للقضاء مرارًا فامتنع تورعًا منه وخوفًا من عائلته، وكان إمام مسجد لا يزال حتى وقتنا يعرف بمسجد الفدا في شرقي بريدة بجوار منزله ويرشد ويعظ جماعته ويعظ الأمراء والملوك ويراسلهم ويبدي لهم ما يراه ويخوفهم المقام بين يدي الله ويحذرهم من الظلم والبغي وأنه ذو مرتع وخيم.
ويجلس للطلبة صباحًا ومساءً وليلًا في مسجده، وكان له مكانة مرموقة ومحبوبًا عند الخاص والعام، وعنده غيرة وصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد سببت عليه مشاكل من الأشرار ومضايقات من آل رشيد وولاتها لمصارحته، فكان أمارًا بالمعروف لا تأخذه في الله لومة لائم وقوي وجرئ، فأوذي في سبيل الدعوة إلى الله فصبر وصابر محتسبًا عند الله مثوبة الصابرين، ولما خاف على نفسه وعلى كسر معنوياته مع أعوان له نزح إلى عنيزة، وكان من أخص أصحابه وإخوته في الدعوة إلى الله الشيخ علي بن ناصر أبو وادي فاستضافه ثم سكن بجواره، وكان يصلي خلفه بمسجد الجديدة،