الفوزان وهو يعرف مثل ما يعرف غيره أنني إذا جئت إليه فإنما أريد الطعام والذرى أي الاتقاء عن الهواء البارد لبعيري، وقد عرف مني شدة حاجتي للأكل فقال لي: يا ولدي: نوخ بعيرك في ذرى الجدار وتعال، ثم أدخلني في قهوته وأحضر لي تمرا ما رأيت مثل طعمه بعد أن شب النار ووضع عليها الدلة.
قال: وكان خاطري مشغولًا عند بعيري فخرجت أنظر إليه وإذا عنده علف فاطمأننت وقد قهواني وبعد قليل جاء عشاه والذين معه وإذا به جريش فأكلت أيضًا حتى شبعت.
فاستأذنته فقال: وين تروح ليل وبرد؟ قلت: لابد أن أذهب إلى الشماسية، قال: فأعطاني قطعة كبيرة من التمر خبأتها لأهلي وسرت طول الليل، وعندما خرج الناس من صلاة الفجر كنت وصلت الشماسية، فقلت لزوجتي: هالحين بسرعة إن كان عندك لأحد شيء عطيه إياه، وكان الناس في القديم يستعيرون بعض ما يحتاجونه من الأواني والأدوات كالقدر الكبير والقدوم ونحو ذلك.
قال: ولم يمض قليل وقت حتى كان كل شيء جاهزًا فأخذت محامل الجمالين، ووضعتها على بعيري وكان لي طفلان أحدهما ابن له أربع سنين وضعتهما في المحمل وزوجتي في المحمل الآخر على بعيري، وركبت بعيري من يومي قاصدًا الكويت، قائلًا لزوجتي: ما يمكن نقعد بها الديرة اللي نجوع فيها مع الشقاء.
قال: وعندما صعدت إلى جال الشماسية وهو الجزء الصخري كالجبل كما يبدو من جهة الغرب وإن لم يكن يبدو كذلك من جهة الشرق، وإذا بي أرى رجلين من جماعة بلدنا يسيران على الأقدام فسألتهما: إلى أين تذهبان؟
فقالا: إلى الكويت، قال: وليس معي إلَّا تمر وجريش قدرت أنه يكفيني وأولادي إلى الكويت، فماذا أصنع بهذين الرجلين؟
قال: فرجعت وذهبت للبازعي في الربيعية وأخبرته بالقصة، لأن الذين