أن ذلك كان قديمًا عنده، ولكنه كان يتكتم عليه، ومن ذلك ما قال لي:
قال: كنا طلبة علم نقرأ أنا والقصيمي نعيش على ما يصل إلينا من مخصص شهري، أو قال الذي يصرف كل شهرين أو ثلاثة شهور، وكان لا يكاد يقيم الأود، قال: ومرة كنا نأكل طعمية، فقال: يا عبد الله، ما هم يقولون، إن الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها؟ فقلت: بل هذا حديث، فقال: كيف يكون عند الله فراخ وحمام وكباب ولا يعطينا إلا الفول والطعمية التي عورت بطوننا؟ أرأيت والدة يكون عندها طعام جيد وتعطي ولدها طعامًا رديئًا؟
قال ابن يابس: فقلت له بحسن نية: ربما كان ذلك لكوننا لا نستحق الطعام الجيد ولكون ربنا سبحانه وتعالى يعلم أننا لا نستحق إلَّا هذا الطعام الذي هو الطعمية والفول!
وقد رد عليه غيرهما من مشايخ أهل نجد، كالقاضي الشيخ إبراهيم السويح، وبذلك صار سب القصيمي والاستعاذة بالله من زيغه، وحالته التي وصل إليها هو الطابع بديلًا من الإعجاب والمدح الذي كان يضفيه عليه المشايخ.
مع أن كتبه الجيدة كانت ولا تزال موجودة متداولة ولكن كتابه (هذه هي الأغلال) محا ذلك كله.
وقد قراه بعض المشايخ مثل شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد الذي وصلت إليه نسخة من بعض الأشخاص بصفة سرية وإلا فإن الكتاب ممنوع من الدخول إلى المملكة.
وقد قرأت على شيخنا ابن حميد أوراقًا منه فكان منها ما يعرفه طالب العلم ومنها ما ينكره، ومنها ما يجد تأويلًا عند من يحسن الظن به، ولكن طلبة العلم صاروا يستعيذون بالله من حالة الزيغ عن الدين التي ارتكس فيها، يقول ذلك حتى الذين لم يطلعوا على كتابه، ولا قرءاوا شيئًا غير مناسب منه، وإنما ذلك من باب التقليد لغيرهم.