للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحدى الجامعات البريطانية - وهو ملحد كما هو ظاهر - "إن أوروبا لم تستطع أن تكون أوروبا إلَّا بعد أن اعتقت نفسها من رق الإيمان بالآخرة وبالله" (١).

ولكن خصوم القصيمي أنكروا عليه هذا الاتجاه وأخذوا عليه مدحه أوروبا وروسيا وأمريكا وتمجيده لإلحادهم.

وهذا أحدهم يحمل مقرعة ضخمة وينزل بها على أم رأس القصيمي فيقول في التعليق عليه: "هذا الكلام هجاء وذم للإيمان بالآخرة وذم لأتباع الأنبياء، فهو يذم أوروبا المتدينة المؤمنة بالآخرة، فالإيمان باليوم الآخر هو المغل الذي آخر القوم في نظره أيام أن كانوا متدينين به، ثم هو أيضًا يمدح أوروبا الملحدة التي لا تعترف بإله غير الدنيا والعمل فيها ثم إغراء على نبذ الإيمان بالآخرة وإعتاق للإلحاد، وهذا الملحد قد سبق القوم فإنهم بالرغم من تحللهم ونبذهم دينهم عملًا فلا تزال قلوبهم وألسنهم وتقاليدهم مسيحية نصرانية، أما تلميذهم وتابعهم - القصيمي - فقد سبقهم بمراحل بعيدة.

إن من يذهب إلى أوروبا وأمريكا يرى ذلك ويلمسه، بل ويرى التعصب المجسم ضد الإسلام، بل يرى البغضاء والعصبية بين البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس، وهذا الرجل من جهله بدين سادته الغربيين قد أبعد النجعة وأغرق في المرمى.

ثم تأمل قوله: وتنازلت عن ذلك الأمل الأخروي تلمس فيه عداوة للآخرة وأن التدين بها من الأمور المؤخرة الجالبة للعجز والهوان، ثم ما هذا التقدم الذي تتغنى به عن أوروبا؟ فأخلاقها فاسدة ودينها ضائع ونفوسها سبعية وقوانينها جائرة، ولكن الأعمى لا يبصر الدرك فلابد من سقوطه، ثم قوله: صعدت صعودًا أعجز أبصارنا تنوره فإنه إغراء النبذ الدين واللحاق بالقوم في فسادهم وإلحادهم ... " (٢).


(١) هذه هي الأغلال، ص ٣١٨ - ٣١٩.
(٢) الرد القويم على ملحد القصيم، ص ٢٤٤ وما بعدها.