للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مابين الأسباب والمسيبات من ارتباط، وفهم الإنسان نفسه وفهم ما بين الأسباب والمسببات من ارتباط، وفهم صلات الإنسان بالإنسان وصلاته بالوجود، وفهم كل ما يقع تحت الحس والوجدان، وإن الحواجز والعوائق التي وقفت في سبيل المسلمين لا تخرج عن أن تكون عوائق معنوية نفسية اعتقادية حملوها أنفسهم فرهنت ووضعوها في طريقهم فحادوا عن الطريق، وجللوا بها الوجود فلم يفهموه ولم يعرفوا حدوده وأرجاءه وقوانينه، فتاهوا فيه وذهبوا إلى غير مذهب وسلكوا غير سبيل فاعترض طريقهم من عرفوا الطريق وأخذهم بقوة سنن الحياة من علموا سننها" (١).

أما بالنسبة للعرب فقد كان يعتقد في المرحلة السابقة " ... أن الأمة العربية في عصرها التي عرفت الجاهلية كانت أمة ذات قوي كامنة هائلة كمون كنوزها الطبيعية في أرضها، وكانت عوامل هذا الكمون وأسبابه معروفة أو على الأقل موجودة، فلما زالت هذه العوامل والأسباب برسالة محمد عليه الصلاة والسلام - وجاء ما بعث الكامن منها وثبت تلك الوثبة التي حار في تعليلها وفهمها الباحثون ... " (٢).

ولكنه ما لبث أن تحول الإيمان بطاقة العرب وتاريخهم إلى الكفر بهم وبطاقتهم وتاريخهم وإن حاول أن يتنصل في بعض الأحيان من هذا الاتهام، وفي ذلك يقول:

"لم يكن العرب أسوأ الشعوب ظروفًا ولا أحسنها ظروفًا، بل وجد من هم أفضل منهم ومن هم أسوأ في طريقهم، وقد تغلب كل أولئك - أو هم في سبيل التغلب على جميع المعوقات، فلماذا لم يتغلب العرب؟ لماذا ظل العقل العربي حتى اليوم يرفض أن يكون حرًّا - يرفض أن يكون خالقا يخلق نفسه وحياته وأوضاعه؟ ولماذا يريد دائما أن يظل عبدا مأمورا مخلوقا يتلقى ذاته من وراء


(١) هذي هي الأغلال، ص ٢١ - ٢٢.
(٢) هذي هي الأغلال، ص ٧ سنة ١٩٤٦.