فحسب، وإنما يزلزل الأفكار والنفوس، ويجعل قارئه إما معه في أقصى اليسار، وإما ضده في أقصى اليمين، ولا وسط إلَّا نادرًا.
وبين حين وآخر تصافح أعين القراء صورة فنية رسمتها ريشته المبدعة بدقة وعناية وقصد فيها إلى الجمال الفني قصدا، ومن هذه الصور قوله:
"كان الإنسان خاما إنسانيا يضارب في مناجم التاريخ لا يعرف نفسه ولا يعرفه أحد، فمن هو المارد العظيم الذي جعله يتسلق الفراغ الرهيب ليملأه بوجوده الكبير الحديث؟ " - من مقال (طاقة الحياة أم إرادة البقاء).
وقوله:"إن الذكورة تلتقي بالأنوثة كما يلتقي النهر العاشق - بالحقول المنبسطة ... " من المقال نفسه.
وقوله:"إن علينا أن نطلق مارد الفكر ليلتحم بملاك الاعتقاد، ومن التحامهما ستبرز الحقيقة الكبيرة التي لا تزال تبحث عنا، بينما نحن نبحث عن غيرها .. " من مقال (اقتباسات من الجيل لم تعرفه المجامع! ).
وقوله:" ... جميع الناس يحترقون ليكونوا شيئًا، والذي لا يحترق ليكون لهبًا وضوءا، فسيحترق ليكون دخانا ... " من مقال: (عذاب الصمت - عدد ١٨٥)((١).
ويطيب للقصيمي أحيانًا أن يبلور أفكاره في كلمات قصار تشبه أن تكون حكمًا وأمثالًا خالدة يبثها خلال مقالاته، أو يذيلها بها، وتطالعنا منها لوحات فكرية حية، منها هذه الروائع:
- الحرية الموهوبة كالحرية المسلوبة كلتاهما عبودية .. !