ويوسف البيوض يمشون في الصباح - أيضًا - في أحد أزقة المدينة رأوا رجلًا يخرج من بيته ويقف عند بابه من الخارج ويقول بصوت مرتفع وبخشوع.
(لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
فأعجب ذلك النجدي وقال ليوسف البيوض: شفت ها لأجاويد وديانتهم؟
ثم قال الرجل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وصحبه أجمعين، فازداد إعجاب ذلك النجدي به، ولكن ابن بيوض قال: انتظر حتى يكمل كلامه، فقال الرجل بخشوع وهو يلتفت إلى جهة الشمال الغربي:(عليك اليوم رزق الصبيان يا ساكن طنطا)!
وساكن طنطا هو السيد أحمد البدوي المدفون هناك وتبين أن الرجل مصري من ساكن المدينة آنذاك فنفر النجدي وقال: صدقت يا يوسف!
كان أهل نجد في ذلك الوقت يعيشون كما يعيش أهل القرى وليست لديهم مدنية كما في الأمصار، ولذلك يتندرون بما يسمعونه منهم من أشياء تخالف ما كان يعرفه أهل القرى والبادية، ومن ذلك ما حدث به أحد أهل القصيم الذين كانوا يذهبون إلى المدينة المنورة في الفترة التي أشرنا إليها، ونعرف منهم ثلاثة من أهل بريدة هم يوسف البيوض هذا، وابن منيِّع وموسى الحسين وكلهم من أهل شمال بريدة.
قالوا: جاء بدوي إلى المدينة من جهة نجد ومعه ضب يريد أن يبيعه بما تيسر، فربطه في حبل في حلقة أحد الأبواب في المدينة فلما خرج صاحب البيت رأى الضب، ولم يكن رآه قبل ذلك فأغلق بابه فزعًا وأطل على البدوي من النافذة قائلًا له: يا صاحب الضب: لا تظن أني خايف من ضبك ولو كان معه ضبين، لكن أنا خايف يقتل نسمة، أو نسمتين من أهل المدينة، فأبعده عنا بعيدًا.
وقد عثرنا على وثائق بخط يوسف بن علي البيوض منها واحدة مؤرخة في ٢٩ شعبان من عام ١٢٨٩ هـ.