ولا يعرف قدر أثر العشاء هذا إلَّا من يعرف حال الناس في ذلك الوقت.
وأبوهم يوسف البيوض كان من أوائل أهل نجد الذين كانوا يذهبون إلى المدينة المنورة في أواخر القرن الثالث عشر ويتاجرون في النعال وغيرها.
وله في ذلك قصص طريفة.
منها أنه كان في المدينة المنورة ومعه واحد من أهل بريدة الذين كانوا وصلوا حديثًا إلى المدينة المنورة فمرا ببيت مفتوح وزوجة صاحب البيت تقول لزوجها وهو في الباب، وكان الوقت صباحًا: لا تخلي السمن، لازم تجيبه اليوم، ثم ترفع صوتها لتسمع بعض جيرانها وتقول: يا ناس، ما هو حرام؟ ذا لنا سبعة أيام نأكل اللحم فطيرة بلا سمن؟
ولما كان أهل نجد في ذلك الحين لا يشبعون من اللحم إلَّا في عيد الأضحى من لحوم الأضاحي أو هذه حال بعضهم فقد استنكر النجدي الذي مع يوسف البيوض ذلك وقال له: خلني أكلم المرأة، يقول ذلك متعجبًا.
فنهاه يوسف البيوض عن ذلك، وقال: اتركهم لا تدخل بينهم ترى ما يجيك زود من الدخول بينهم.
فلم يطعه الرجل وقال رافعًا صوته موجهًا كلامه لتلك المرأة: إلَّا ماهوب حق يا بنت الحلال، إنكم تأكلون اللحم من دون سمن، كيف يكون؟ ها الرجال مقصر!
فقالت المرأة تخاطب زوجها: شوف حتى الشروق اردا نمرة يقولون: إنك مخطي! !
ويلاحظ أن كلامها هذا إبان أن كانت المدينة المنورة تحت الحكم التركي.
والشروق: أهل نجد وأردا نمرة: أقل الناس قدرًا.
قالوا: ومرة جاء رجل من أهل نجد إلى المدينة والذاهبون إليها في ذلك الوقت منهم قليل، فأعجبه تدين بعض الناس في المدينة، وبينما كان هو