فقالت: هذا والدي علي العمار، فلما قالت هذا والدي علي العمار عرفها والدها وصار مثل الدهدوه لا يعرف كلام وحضر أمير الحملة، وقال: يا الله الخيرة هذا ماسك بنت البدو ويش السواة؟ ولما وصل وإذا البنت حاطت يد والدها على صدرها وتقبل كفه ودموعها تمشي على خديها، فقال والد البنت الأمير الحملة: خذ الجمل وشل عليه حمله وإذا مشيتوا مروا علي.
أخذ الجمل وشال عليه حمله ومروا على علي وإذا بنته ماسكته في يده ويقول: خلاص يابنتي ما أفارق عنك ولا لحظة، وهي تبكي وتقبل كف والدها، فقال صاحب الغنم: وش اسمها؟ قال علي: اسمها نور وقص عليه ذهابها منه، فقال راعي الغنم: أجل خل أجيب لك ذلول تشيل عليها نوير وأنا تراي ما أحسنت فيها من جت وهي مع ها الغنيمة.
وأحضر ذلول وأعطاهم بقل وسمن وقال فلان من قبيلة (كذا) ومع السلامة.
فلما ركبت نوير على الجمل ضحكت وراح عنها البكاء، ولكن ما تبعد عن والدها، وإذا نام توسدت يده، وإذا جلس صارت وراه وتشم ريحه.
فلما وصل إلى بيته وإذا هي تعرف البيت، صارت تدور وتمسح الجدران والبيبان، وتقول هذه حجرة أمي وهذا محل الحطب.
وتزوج والدها وقالت: لا تروح مع رحيل حتى أشبع منك، وجلس سنة كاملة وهي تقبل يديه ورجليه.
ولما تم سنة قال يا نوير ودي أروح مع رحيل، وكلها خمسون يوم وحنا راجعين.
مشى والدها للعراق فبدأت تقول القصيد وهي لم تشبع من والدها وتتوجد عليه لما شافت من الغرابيل مع البدو وهي صغيرة:
قالت انوير في زمان الغرابيل ... سبع سنين ما تحرك لساني
اشد وانزل مع فريق مناغيل ... ساع ما لقوني انزحوا بي شمال