فقال كبير القوم: أجل ودنا ما نقيم اليوم ودنا نواصل المسير على شان خوينا علي إذا صار يبي يتزوج، فقال علي: كثر خيرك يا أميرنا، الله يجزاك خيرًا حيث عندك اهتمام لي.
وصار كل واحد يصلح حموله ويجيب رحله، وقام علي وهو قوي وبدأ يشيل على بعارينه كل ما شال على واحد خلاه يقوم حتى إنه يرعى، وهو شايل حمله، ولما بقي جمل واحد إذا بعيره بعيد ذهب إلى الجمل البعيد يريد إحضاره عند حمله.
ولما وصل إلى جمله وإذا هو يرى غنمًا ترعي ومعهن حرمة، فقال أروح إلى هذه الحرمة تسقين لبن، ولما وصل إلى الحرمة قال: يا راعية الغنم أعطيني لبن، أوقفت الحمار الذي عليه اللبن وأخذت تصب اللبن، وعلي بعيد عنها لأنه عنده شيمة ولا يقرب الحرمة.
ولما صبت اللبن كانت الطاسة صغيرة جدًّا ولم تكفي الرجل ولا عشر مرات، قامت ورجعت الذي صبت بالصميل وشالت الصميل والطاسة تبيه يصب ويشرب حتى يروى، ولما قربت إليه إذا هو والدها، ووالدها لم يعرفها ولم يرمي لها بحروة أبد.
نزلت الصميل على الأرض وتكلمت بقولها أبوي أبوي، واعتنقته ولكن والدها خاف أنها مجنونة، وانطلق لسانها الذي له سبع سنوات لم تنطق بكلمة واحدة.
وصارت تقبله ودموعها تجري على وجه والدها ولما رآها صاحب الغنم ركب الحصان وحضر عندهم بسرعة خاف أن الرجل مسك هذه المسكينة، ولما رأى شغلها بوالدها قال صاحب الغنم: وراك يا بنت وهو يعرف أنها لا تتكلم ولا تقر على الكلام.